للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منع من ذلك ولأجل هذا اختلف العلماء وشاهدت ذلك مراراً وله صور كثيرة منها أن يريد الرجل تبديل الطريق في موضع يحتاج هذا فيه إلى البنيان أو يكون له بإزائه ملك يضر به الماء وركب هذا وصوِّره وافت به.

[القضاء في قسم الأموال]

إن الله سبحانه وله الحمد (١) لما خلق لنا ما في الأرض جميعاً وأنشأنا بصفة التشاحي وطلب الاستيثار شرع اختصاص الملاك بالأملاك وقد يقع بهذا الاختصاص الاشتراك فإن كانت الموافقة المندوب إليها شرعاً فبها ونعمت وإن تعذرت الموافقة وتوقع التشاح أو وقع فإن الله شرع القسمة لتمييز الحقوق المشتركة حتى يعود إلى الاختصاص المذكور وقد قال الله تعالى في القسمة في عارض الاشتراك {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} (٢) الآية وأما أحاديثهما فهي قليلة الصحيح منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الشفعة فيما لم يقسم) (٣) وحديث عقبة بن عامر حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم غنائم بين أصحابه (٤) فبقي منها عتود فقال: (ضح بها أنت) ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل القائم في حدود الله والمدهن (٥) فيها كمثل قوم كانوا في سفينا فاستهموا على أعلاها وأسفلها) (٦) الحديث ومن المشهور فيها حديث عمران بن حصين أن رجلاً أعتق ستة أعبدٍ في مرضه لا مال له


(١) في م الحكم.
(٢) سورة النساء آية (٨).
(٣) متفق عليه البخاري في أول كتاب الشفعة ٣/ ١١٤ ومسلم في المساقاة باب الشفعة (١٦٠٨) (١٣٤) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" لفظ البخاري.
(٤) متفق عليه أخرجه البخاري في الشرعة باب قسمة الغنم والعدل فيها ٣/ ١٨٤ ومسلم في الأضاحي باب سن الأضحية (١٩٦٥) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنماً يقسمها على صحابته ضحايا فبقى عتود (وهو ما بلغ سنة من أولاد المعز) فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ضح به أنت).
(٥) المداهن والمداهنة والادهان المقاربة في الكلام والتلبين. شرح السنة ١٤/ ٢٤٣.
(٦) أخرجه البخاري في الشهادات باب القرعة في المشكلات ٣/ ٢٣٧ والترمذي في الفتن باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (٢١٧٣) وأحمد في المسند ٤/ ٢٦٨ و٢٧٠ من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها فكان الذين في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به فأخذ فأساً فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا ما لك قال: تأذيتم بي ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا انفسهم) لفظ البخاري.

<<  <   >  >>