للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مزيد أيضاح: إِعلموا، وَفَّقَكم الله تعالى، أن شيئًا من الحركات العلوية في السموات ليس لها تأثير في الموجودات الأرضية، لا من الأبدان ولا من الأحوال ولا من شيء من الأشياء، وإنما الكل يتعلق بقدر الله تعالى، هو الذي يخلق بعضها مع بعض ويخلق بعضها في أثر بعض فإذا رآه الغافل قال لهذا من هذا {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (١).

ومن أَغرب ما سمعت في الدنيا ما أنا أبو الحسين (٢) المبارك بن عبد الجبار (٣) ببغداد قال: أنا أبو القاسم محمد بن عبد الملك بن بشران (٤) قال أنا محمد بن عطية (٥) الزاهد قال (أنفَاسُ الْعَبْدِ الَّتِي تَجْرِي في بَدَنِهِ وَتَخْرُجُ عَلَى فَمِهِ هِيَ الَّتِي تُحَرَّكُ الأفْلَاكَ في السَّموَاتِ عَدَداً بِعَدَدٍ وَتَقْدِيراً (٦) بِتَقْدِيرٍ)، وذكر ذلك عن جماعة من الأوائل (٧)، فأضرب طائفة بطائفة وارجع إلى الله تعالى في الجميع، وإلى هذا المعنى أشار النبي - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: "لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ" (٨) وهذا معلوم قطعاً.

[توحيد]

قوله "ما مِنْ أَحَدٍ أغيَرَ مِنَ الله" (٩)، والغيرة هي تغير النفس عند الحفاظ على الأهل والقيام بالأنفة في حمايتها، وذلك كله محال على الله تعالى لأنه هو الموجود الذي لا


(١) سورة النساء آية ٧٨.
(٢) في (ك) و (م) أبو الحسن، وهو الصواب.
(٣) هو ابن الطيوري المبارك بن عبد الجبار بن أحمد، أبو الحسن، الأزدي البغدادي الصيرفي المعروف بابن الطيوري، عالم بالحديث، ثقة، مكثر له مصنفات، توفي سنة ٥٠٠ هـ. الأعلام ٦/ ١٥١، والرسالة المستطرفة ٩٢، ولسان الميزان ٥/ ٩.
(٤) هو محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران، ولد سنة ٣٧٣ هـ ومات سنة ٤٤٨ هـ. قال الخطيب: وصليت عليه في جامع المدينة. تاريخ بغداد ٢/ ٣٤٨ - ٣٤٩، شذرات الذهب ٣/ ٢٤٦، الرسالة المستطرفة ص ١٢٠.
(٥) محمد بن عطية لم أعثر على ترجمة.
(٦) لم أطّلع على هذا الكلام.
(٧) هذا كلام لم يثبت نقلاً ولا يتفق مع العقل ولانظريات العلم الحديث، وقد رده الشارح وكان الأوْلى عدم نقله لقلة فائدته.
(٨) تقدم.
(٩) متفق عليه. البخاري في صلاة الكسوف باب الصدقة في الكسوف ٢/ ٤٢ - ٤٣، ومسلم في كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف ٢/ ٦١٨، ومالك في الموطأ ١/ ١٨٦ كلهم عن عائشة.

<<  <   >  >>