للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في البخاري عن أبي بكرة (أَنَّهُ قَالَ فَإِذَا رَأيْتُمْ دْلِكَ فَصَلُّوا (١) مطْلَقًا).

وروى أبو داود عن قبيصة (٢) بن المخارق الهلالي (أَنَّ النَّبِيَّ، - صلى الله عليه وسلم - صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ إِذَا رَأَيتُمْ ذلِكَ فَصَلُّوا كَأَحْدَتِ صَلاَةٍ صَلَّيْتُمُوهَا) (٣).

والذي يظهر من ذلك، والله أعلم، أنه - صلي الله عليه وسلم - كان يصلي في الكسوف بقدر مدة الكسوف، فإن طال أمده طوَّل الصلاة، وإن قصر أمده قصَّر الصلاة.

وأكثر الروايات أربع ركعات في أربع سجدات، فعليه فليعوَّل، وليست في صلاة الكسوف خطبة وإنما فيها كلام بحسب الحال وأفضله ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال (ش) فيها خطبة (٤) وتعلق بالحديث الصحيح (أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، لَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الْكُسُوفِ وَ (٥) خَطَبَ النَّاسَ) (٦) وإنما معنى ذلك تكلم بكلام له بال، وذلك قوله (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله تَعَالَى).

إيضاح مشكل: فإن قيل وأي آية في الكسوف وإنما كسوف الشمس حيلولة القمر بين الناس وبينها، وكسوف القمر أن تقع في ظل الأرض وهي أمور حسابية.

قلنا: طلوع الشمس وغروبها آية، والسموات والأرض كلها آيات، إلا أن الآيات على ضربين منها مستمر عادة فيشق أن يحدث لها عبادة، ومنها ما يأتي نادرًا فشرع للنفس البطّالة الآمنة التعبد والرهبة عند جريان ما يخالف الاعتياد ذكرى لها وصقلًا لصريرها.


(١) البخاري في الكسوف باب الصلاة في كسوف الشمس ٢/ ٤٢.
(٢) قبيصة بن المخارق صحابي سكن البصرة ت ٢/ ١٢٣، وتجريد أسماء الصحابة ٢/ ١١.
(٣) أبو داود ١/ ٧٠١، والنسائي ٣/ ١٤٤، والحاكم في المستدرك ١/ ٣٣٣ وقال صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقال: وعندي أنهما علَّلاه بحديث ريحان ابن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة، وحديث يرويه موسى بن إسماعيل عن وهيب لا يعلّله حديث ريحان وعباد، وكذا قال الذهبي. ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٣٣٣ وقال: هذا لم يسمعه أبو قلابة عن قبيصة إنما رواه عن رجل وهو هلال بن عامر أن قبيصة. ونقل الزيلعي في نصب الراية ٢/ ٢٣٠ عن النووي في الخلاصة قوله: وهذا لا يقدح في صحة الحديث فإن هلالاً ثقة ...
ورواه أحمد، انظر الفتح الرباني ٦/ ١٩٣.
درجة الحديث: قال فيه الشيخ البنّا: سكت عنه أبو داود والمنذري وسنده صحيح، كما صححه من قبله الحاكم وأقره الذهبي، وكذلك صححه النووي.
(٤) انظر مذهبه في روضة الطالبين للنووي ٢/ ٨٥، والمجموع ٥/ ٥٣.
(٥) الواو ليست في (م) و (ك) ويستغنى عنها.
(٦) انظر حديث عائشة السابق.

<<  <   >  >>