للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر الفعل، أوضح أن الحكم بهما واحد. قال لنا الشيخ الإِمام فخر الإِسلام أبو بكر محمَّد بن أحمد (١) بن الحسين، فقيه الوقت وإمامه: الفرج أشبه شيء بخمسة وثلاثين، وأخرج يده في الدرس وعقدها قال: فمسلك البول ما تحت الثلاثين ومسلك الذكر والحيض ما اشتملت عليه الخمسة.

[تقسيم]

إذا ثبت أن الغسل يجب بالتقاء الختانين تارة وبخروج الماء أخرى، فإن الماء قد يخرج باللذة وقد يخرج عند الضرب والحك واللمس، وقد اختلف علماؤنا فيه اختلافاً كثيراً تضمنته كتب المسائل ولكن يختص مجال الكلام في موقعين. أحدهما: إذا خرج الماء لغير لذة. ولا إشكال عندي في وجوب الغسل فيه لإجماع الأمة على أن من استيقظ ووجد المني ولم ير احتلاماً فعليه الغسل لأنا قد تحققنا خروج الماء فلم يبال أحد عن وجود اللذة.

الموضع الثاني. إذا أولجه فيها ولم ينزل. فقلنا عليه الغسل بإجماع فلما اغتسل أنزل.

وقد اختلف العلماء في هذا الفرع وهو موضع إشكال؛ بيد أن النظر إذا حقق فإنه يقتضي وجوب الغسل ثانياً لأنهما سببان مختلفان فأوجب كل واحد منهما حكمه وإن كانا متعاقبين كمن بال فتوضأ ثم خرج منه الودي فإنه يتوضأ ثانية.

فإن قيل فههنا نازل غريبة وهي إذا أولج فاغتسل فصلى ثم أنزل هل يعيد الصلاة؟ قلنا: فيه احتمال بعيد والصحيح أنه لا يعيدها لأنها قد وقعت موقعها بعد وجود شرطها وهو الغسل، ونزول الماء بعد ذلك أمر ثان كما لو جامع ثانياً أو تذكر فأنزل.

[تتميم]

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى قوله: {الْكَعْبَيْنِ} (٢) وذكر أعضاء الوضوء الأربعة معددة معقَّبة ثانياً بعد أول، وثالثاً بعد ثان، ورابعاً بعد ثالث، وقال في غسل الجنابة: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَآطَّهَّرُوا} (٣) مطلقاً، وقال في الآية الأخرى: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} مطلقاً، فتبين من ذلك أن الترتيب في الوضوء


(١) الشاشي: ٤٢٩ - ٥٠٧ هـ تقدم.
(٢) المائدة، آية ٦.
(٣) المائدة، آية ٦.

<<  <   >  >>