للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليكم فَأَوْسِعُوا جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ) (١) الحديث.

وقد كان من شيوخ الزهاد من له ثياب مطوية لا ينشرها إلا إذا صلّى فإذا فرغ من الصلاة أعادها على عودها ويقول: لقاء الله أفضل حال تزين لها.

[الجمع بين الصلاتين]

نصب الله تعالى أوقات الصلاة محدودة الطرفين متغايرة الذاتين، وجعل لكل صلاة وقتًا يختص بها، ثم لما علم (٢) الله تعالى من ضعف العباد وقلَّة قدرتهم على الاستمرار في الاعتياد وما يطرأ عليهم من الأعذار، التي لا يمكنهم دفعها عن أنفسهم، أرخص لهم في نقل صلاة إلى صلاة، وفي جمع المفترق منها، كما أذن في تفريق المجتمع أيضًا رخصة في قضاء رمضان إذا أفطره بعذر المرض أو السفر (٣)، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ذلك (٤)


(١) رواه مالك في الموطأ ٢/ ٩١١ وعبد الرزاق في المصنف ١/ ٣٥٦، من طريق ابن سيرين عن أبي هُرَيْرَة قال: قام رجل إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يا رَسُولَ الله أيُصَلِي الرَّجُلُ في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: أَوَ كُلُّكُمْ تَجِدُونَ ثوبين حتَّى إذا كان زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الخَطَاب قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أُصلِّي الْعَصْرَ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إذَا وسَّع الله عليْكم فوسِّعُوا على أَنْفُسِكُمْ، جَمَعَ الرَّجُلُ عَليْهِ ثِيَابَهُ يُصَلِي الرجُلُ في إِزَارٍ وَرِدَاءٍ .. وهذا قطعة من حديث رواه البخاري من طريق حماد بن زيد عن ابن سيرين عن أبي هُرَيْرَة. البخاري كتاب الصلاة باب الصلاة في القميص والسراويل والثبان والقباء ١/ ١٠٢.
وقال الحافظ: روى ابن حبان حديث الباب، يعني حديث البخاري، من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب فأدرج الموقوف في المرفوع، ولم يذكر عمر ورواية حماد بن زيد هذه المفصلة أصح، وقد وافقه على ذلك حماد بن سلمة فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن ابن سيرين أخرجه ابن حبان أيضًا، وأخرج مسلم حديث ابن علية فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي، وذلك من حسن تصرفه والله أعلم. فتح الباري ١/ ٤٧٦.
درجة الحديث: القسم المروي عن عمر موقوف عليه وهو صحيح.
(٢) في (ك) و (م) و (ص) لما يعلم.
(٣) قال تعالى في سورة البقرة آية ١٨٤ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
(٤) روي البخاري في الصوم باب إذا صام أيامًا ثم أفطر ٣/ ٤٣ عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنَّ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ في رَمَضَانَ حَتى بَلَغَ الكَدِيدَ أفْطَرَ فَأفطَرَ النَّاسُ، ورواه كذلك مسلم في كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان ٢/ ٧٨٤ وزاد: وكان صحابة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره. ورواه مالك في الموطّأ ١/ ٢٩٤ مثل رواية مسلم إلا أنه قال من أمر رسول اللَه، - صلى الله عليه وسلم -، فهذا الحديث دليل على جواز الفطر في السفر كما قال الشارح. =

<<  <   >  >>