للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواه (١)، وهو عموم متفق عليه لم يدخله تخصيص بإجماع. هذا هو أصل الرضاع المتفق عليه وفيه اختلاف كثير بين العلماء وتفصيل الفروع وذكر منه مالك فصلين مهمين:

[أما أحدهما فتقدير الرضاع]

قالت جماعة: إنه ليس له قدر إلا ما وصل منه إلى الجوف، منهم مالك (٢) وأبو حنيفة (٣)، وقالت طائفة: لا يحرم قليل اللبن وإنما يحرم كثيره، منهم الشافعي (٤)، واختلفوا في تقديره باختلاف الأحاديث فيه، فثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ (٥) وَلَا الْأُمْلَاجَةُ وَلَا الْأُمْلاَجَتَانِ" (٦)، وثبت عن عائشة، رضي الله عنها (أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ مِمَّا أُّنْزِلَ مِنَ الْقُرآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ) (٧)، وهذان الحديثان لا يصح التعلُّق بهما لوجهين:


= والرضاع .. ٣/ ٢٢٢، ومسلم في الرضاع باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ٢/ ١٠٦٨.
(١) وفي البخاري من حديث ابن عباس (يَحْرُمُ الرَّضَاعُ مَا يَحْرُم مِنَ النَّسَبِ) كتاب الشهادات ٣/ ٢٢٢، وكذلك مسلم في كتاب الرضاع باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل ٢/ ١٠٦٩ بلفظ: قَالَ عُرَوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ تَقُولُ: (حَرِّمُوا مِنَ الرضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ)، ونقل الحافظ عن القرطبي قوله: ووقع في رواية (مَا تحرم الولادة). وفي رواية (ما يحرم من النسب) وهو دال على جواز نقل الرواية بالمعنى، قال: ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قال اللفظين في وقتين.
قال الحافظ: قلت الثاني هو المعتمد فإن الحديثين مختلفان في القصة والسبب والراوي إنما يتأتى ما قال إذا اتحد ذلك. فتح الباري ٩/ ١٤١.
(٢) انظر الكافي ٢/ ٥٣٩ - ٥٤٠ بداية المجتهد ٢/ ٣٥.
(٣) انظر اللباب في شرح الكتاب ٣/ ٣١، شرح فتح القدير ٣/ ٢.
(٤) انظر مغني المحتاج ٣/ ٤١٦، شرح النووي على مسلم ١٠/ ٢٩، وشرح السنة ٩/ ٨٢. وقد وافق أحمد الشافعي في أن المحرم خمس رضعات. انظر المغني ٨/ ١٧١.
(٥) مسلم في كتاب الرضاع باب في المصة والمصتان ٢/ ١٠٧٣ - ١٠٧٤، والنسائي ٦/ ١٠١، وابن ماجه ١/ ٦٢٤، وأبو داود ٢/ ٥٥٢، والبيهقي ٧/ ٤٥٥ كلهم من حديث عائشة وأم الفضل، ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن الزبير، وقال: الصحيح عند أهل الحديث عن رواية ابن الزبير عن عائشة ٣/ ٤٥٥ - ٤٥٦، وابن حبان من نفس الطريق. موارد الظمآن ص ٣٠٦، والنسائي ٦/ ١٠١، والشافعي في مسنده ٢/ ٢١.
(٦) مسلم في الباب السابق ٢/ ١٠٧٤، السنن الكبرى ٧/ ٤٥٥، وأحمد انظر الفتح الرباني ١٦/ ١٨٨ كلهم عن أم الفضل.
(٧) الموطأ ٢/ ٦٠٨، ومسلم في كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات ٢/ ١٠٧٥، والشافعي في مسنده =

<<  <   >  >>