للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتعلقة بحقه ويبقى للعباد حقوقهم بعدله حتى يتناصفوا فيها، وقد بيَّنا كيفية التناصف من العباد في المعاد في كتاب الأصول.

حديث: قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: (كرم المرء تقواه) (١) إلى آخره، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} (٢)، فلن يشرِّف المرء ولا يجلّ قدره إلا قدر تقواه، كما أنه لا فخر بحسب ولا نسب ولا استعداد بهما إنما الاستعداد بالدين، قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "النَّاسُ مَعَادِنٌ خِيَارُهُمْ في الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الْإسْلَامِ إذا فَقهُوا" (٣)، كما أن الرجل لا تكون له مروءة إلا بحسن الخلق، وهي مأخوذة من المرء؛ فإن الرجل لا يكون رجلاً بصورته الظاهرة التي يشاركه فيها البهائم وإنما يكون امرءاً بأخلاقه الباطنة التي بها شرف الآدمية فلا يكون سبعاً ضارياً في الأدَاية، ولا ثعلباً في المكر والخيانة، ولا خنزيراً في الجشع والحرص إلى غير ذلك من الأخلاق، البهيمية الدنيئة ثم قال: "الْجُرْأَةُ وَالْجُهْنُ غَرَائِزٌ يَبْغُضُهَا الله تَعَالَى حَيْثُ شَاءَ"؛ يريد أن ما تقدَّم يصحُّ اكتسابه بخلاف الجرأة والجبن فإنها وضع من الله تعالى فيه، وذلك بحسب ما يكون من قوة قلبه وضعفه، إما أنه قد يكتسب العبد فيها دربة بمكافحة الحروب ولم يكن في الأمة ولا يكون


= قال النووي: فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين وإنما يكفر حقوق الله تعالى، شرح النووي على مسلم ١٣/ ٢٩.
(١) الموطّأ ٢/ ٤٦٣ منقطعاً عن يحيي بن سعيد أن عمر، ويحيى لم يدرك عمر وقد ورد مرفوعاً عند أحمد ٢/ ٣٦٥ من طريق مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "كَرَمُ الرَّجُلِ دِينُهُ وَمُرُوؤَتُهُ عَقْلُهُ وَحَسَبُهُ خُلْقُهُ"، ورواه الحاكم من نفس الطريق وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ورد قوله الذهبي بقوله: قلت الزنجي ضعيف، المستدرك ٢/ ١٦٣. وعزاه السيوطي للبيهقي، وقال المناوي في شرحه للجامع الصغير أنه رواه من وجهين في السنن الكبرى وضعَّفهما عن أبي هريرة. فيض القدير ٤/ ٥٥٠.
أقول: الحديث المرفوع فيه مسلم بن خالد المخزومي، مولاهم المكي، المعروف بالزنجي، فقيه، صدوق، كثير الأوهام من الثامنة مات سنة ١٧٦ أو بعدها/ دق. ت ٢/ ٢٤٥ وقال في ت ت قال البخاري منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس به بأس ومرة ثقة وقال مرة ضعيف، وقال أبو حاتم لا يحتج به، وضعفه أبو داود، وقال ابن المديني ليس بشيء ت ت ١٠/ ١٢٦ الميزان ٤/ ٢٠٢.
درجة الحديث: ضعيف.
(٢) سورة الحجرات آية ١٣.
(٣) متفق عليه. البخاري في كتاب الأنبياء باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ في يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ٤/ ١١٩، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب خيار الناس ٤/ ١٩٥٨ كلاهما عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>