للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَرْضِ" (١)، ولو كبَّر الإمام فقد روي عن مالك، رضي الله عنه، أنه لا يجزيه ولو تم بعده أو معه لأنه اقتدى بمن لم تنعقد صلاته بعد (٢).

فأما إن تم قبل تمامه فلا تجزيه قولًا واحدًا.

وأما صلاتهم خلف النبي، - صلى الله عليه وسلم -، جلوسًا فهو منسوخ بصلاتهم خلفه قيامًا في مرضه (٣)، وقد قال به مالك، رضي الله عنه، وهو الصحيح. وقد روى جابر بن عبد الله


(١) حديث متفق عليه رواه البخاري في الصلاة باب متى يسجد من خلف الإمام ١/ ١٧٧، ومسلم في الصلاة باب متابعة الإمام والعمل بعده ١/ ٣٤٥، وأبو داود ١/ ١٦٨، والترمذي ٢/ ٧٠، وقال حسن صحيح، والنسائي ٢/ ٩٦، والبغوي في شرح السنة ٣/ ٤١٣ كلهم عن البراء بن عازب.
(٢) المدونة ١/ ٦٧.
(٣) ذهب الشارح إلى مذهب الشافعي ومن وافقه، فقد قال الشافعي في الرسالة: لما كانت صلاة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قبل مرضه الذي مات فيه قاعدًا والناس خلفه قيامًا استدللنا على أن أمره الناس بالجلوس في سقطته عن الفرس قبل مرضه الذي مات فيه قاعدًا والناس خلفه قيامًا ناسخة لأن يجلس الناس بجلوس الإمام. الرسالة ص ٢٥٤.
وقال في اختلاف الحديث ص ١٠٠ - ١٠٢، بعد أن روى أحاديث الباب: فنحن لم نخالف الأحاديث الأولى إلا بما يجب علينا من أن نصير إلى الناسخ. الأولى كانت حقًا في وقتها ثم نسخت فكان الحق في نسخها، وهكذا كل منسوخ يكون الحق ما لم ينسخ، فإذا نسخ كان الحق في ناسخه. وقد روي في هذا الصنف شيء يغلط فيه بعض من يذهب إلى الحديث؛ وذلك أن عبد الوهاب أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر: أنهم خرجوا يشيّعونه وهو مريض فصلى جالسًا وصلوا خلفه جلوسًا. أخبرنا عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد أن أسيد بن خضير فعل ذلك. قال الشافعي: وفي هذا ما يدل على أن الرجل يعلم الشيء عن رسول الله لا يعلم خلافه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول بما علم ثم لا يكون في قوله بما علم، وروى حجة على أحد علم أن رسول الله قال قولًا وعمل عملًا ينسخ العمل الذي قال به غيره وعلمه كما لم يكن في رواية من روى أن النبي صلّى جالسًا وأمر بالجلوس، وصلى جابر بن عبد الله وأسيد بن الحضير وأمرهما بالجلوس وجلوس من خلفهما حجة على من علم من رسول الله شيئًا بنسخه، وفي هذا دليل على أن علم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض وأنه ليس كالعامة الذي لا يسع جهله ولهذا أشباه كثيرة وفي هذا دليل على ما في معناه منها.
ونقل الزيلعي في نصب الراية ٢/ ٤٩ عن ابن حبان، بعد أن نقل عنه أنه روى حديث الأمر بالصلاة قاعدًا خلف الإمام إذا صلى قاعدًا، وفي هذا الخبر بيان واضح أن الإمام إذا صلّى قاعدًا كان على المأمومين أن يصلّوا قعودًا، وأفتى به من الصحابة جابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأسيد بن حضير، وقيس بن فهد ولم يُروَ عن غيرهم من الصحابة خلاف هذا بإسناد متصل ولا منقطع فكان إجماعًا والإجماع عندنا إجماع الصحابة. وقد أفتى به من التابعين جابر بن يزيد ولم يرو عن غيره من التابعين خلافه بإسناد صحيح ولا واهٍ فكان إجماعًا من التابعين أيضًا، وأول من أبطل ذلك في الأمة المغيرة بن مقسم، وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذه عن حماد أبو حنيفة، ثم بعده أصحابه. وأعلى حديث احتجوا به حديث رواه جابر الجعفي عن الشعبي =

<<  <   >  >>