للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا استبرأهن، قال به عطاء وطاوس (١)

الثالث. قال عبيدة السلماني، المراد بالأية ما زاد على الأربع (٢)، ثم قال تعالى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٣)، ثم قال تعالى {إلاَّ مَا مَلَكَتْ أْيمَانُكُمْ} (٤). فأباح وقد بيَّنا إشكال هذه المسألة في كتاب الأحكام على أحسن مساق (٥)، والإشارة في الكلام فيها إلى أن أصل (ح ص ن) المنع حيث ما وردت معانيه، وقد يرد الإحصان بمعنى الإسلام، وقد يرد بمعنى الزواج (٦)، وقد يرد بمعنى الحرية (٧)، وكلها في القرآن إلا الإحصان بمعنى الإِسلام (٨). وإذا ركَّبت معاني الإحصان على الآية لم تجد فيها أقوى من قول سعيد بن المسيب الذي اختار مالك، رضي الله عنه, لأنا إن قلنا إن المراد بذلك جميع النساء، كما قال طاوس وعطاء، ينتج معنى الآية لأن الله تعالى قد فصل المحرمات قبلها وأحكم بيانها وجعل المحصنات من جملتهن، فلو كنَّ جميِع النساء ما انتظم بذلك مساق الفصاحة ولا كان أيضاً لقول الله تعالى بعد ذلك {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} معنى، وعلى هذا تركب مسألة بيع الأَمة المتزوجة هل يكون طلاقأ أم لا؟ وعموم هذه الآية كان يقتضي ذلك إلا أن السنة خصصته بحديث بريرة حين اشترتها عائشة، رضي الله


(١) قال في الأحكام: القول الرابع أنهن جميع النساء على الإطلاق، قاله طاوس وغيره .. وقال مرجحاً لهذا القول: أما من عموم فهو الصحيح ويقع الاستثناء بقوله {إلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكمْ} في الإماء أو في الزوجة والأمة. الأحكام ١/ ٣٨٣، وقال ابن عطية: {إلاَّ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكمْ} قالوا: معناه بنكاح أو شراء، كل ذلك تحت ملك اليمين، قال بهذا القول: أبو العالية وعبيدة السلماني وطاوس وسعيد ابن جبير وعطاء. المحرر الوجيز ٤/ ٧٧، والنكت والعيون ١/ ٣٧٧، وانظر المنتقى ٣/ ٣٢٩.
(٢) رواه ابن جرير ٨/ ١٧١، وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، الدر المنثور ٢/ ١٣٩، وانظر تفسير القرطبي ٥/ ١٢٣، والمنتقى ٣/ ٣٣٠، والأثر فيه شيخ ابن جرير سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمَّد الرؤاسي، كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بوراقة فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه من العاشرة. (توفي سنة ٢٤٧) ت ق، ت ١/ ٣١٢ ت ت ٤/ ١٢٣، الكامل ٣/ ١٢٣٥.
درجة الأثر: حسن لغيره.
(٣) سورة النساء آية ٢٤.
(٤) سورة النساء آية ٢٤.
(٥) الأحكام ١/ ٣٨٣.
(٦) قال تعالى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} النساء آية ٢٥.
(٧) قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} المائدة آية ٥، وفي الآية الثانية المراد بهن الحرائر.
(٨) {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} سورة النور آية ٢٣.

<<  <   >  >>