تمليكاً وذلك على معنى الهبة إذ التمليك إما أن يكون بعوض أو غير عوض، فإن كان من غير عوض فهو من قبيل الهبة فيحمل التبرع على الأقل وهو الواحدة. وإما أن يخيرها، ومطلق التخيير يقتضي التردد بين الزوجية والخروج عنها, ولا يكون الخروج عنها بالواحدة فإن الرجعية زوجة فلم يبقَ إلا الثلاث أو الخروج عنها بالواحدة البائنة على تفصيل في المذهب وتفريع في تصوير الاختيار ولفظه وبيان فائدته إذا وقع وحكمه وليس في آية التخيير حجة لأحد لأن الله قال {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} الآية إلى {وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} فخيرهن بين الدنيا والآخرة وقال لهن إن اخترتن الدنيا أطلقكن وأمتعكن فلم يجعل الطلاق بأيديهن وإنما أراد استعلام ما عندهن ثم ينفذ بعد ذلك حكمه فيهن (١).
(١) نقل الحافظ عن الماوردي قوله: اختلف هل كان التخيير بين الدنيا والآخرة أو بين الطلاق والإقامة عنده على قولين للعلماء أشبههما بقول الشافعي الثاني، ثم قال إنه الصحيح، وكذا قال القرطبي: اختلف في التخيير هل كان في البقاء والطلاق، أو كان بين الدنيا والآخرة. ثم قال الحافظ: والذي يظهر الجمع بين القولين لأن أحد الأمرين ملزوم للآخر وكأنهن خُيَّرْن بين الدنيا فيطلقهن وبين الآخرة فيمسكهن هو مقتضي سياق الآية. فتح الباري ٨/ ٥٢١.