للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه واجبٌ، وإن كان مسترسلاً، أو عن شهوةٍ فهو أكذب الحديث (١). وأما التحسُّس فهو تطلب الاخبار على الناسِ في الجملة، وذلك لا يجوز إلَّا للإمام الذي رتب لمصالحهم وألقي إليه زمام حفظهم فأما عرض الناس قفلا يجوز ذلك لهم إلا لغرضٍ من مصَاهرةٍ أو جوارٍ أو رفاقةٍ في السفر أو معاملةٍ أو ما أشبه ذلك من أسباب الامتزاج، وأما التجسس فهو طلب الخبر الغائب للشخص، وذلك لا يجوز لا للإمام ولا لِسواه، وأما التنافس فهو التحاسد في الجملةِ إلَّا أنه يتميز عنه بأنه سببه وكأنه قيل له لاَ ترى نفسك خيرًا من أحدٍ حتى يحملك ذلك على الحسَدِ والحقدِ وأما المصافحة فلم يرَها مالك في السلام (٢)، لأنه لم يسمع حديثها وقد اجتمع مع سفيان فصافحه سفيان وقال له كذلك صافحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لجعفرٍ حين قدم من أرضِ الحبشةِ (٣)، وقال البراء: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما من مسلمين يلتقيانِ فيتصافحان إلَّا غفر لهما قبل أن يتفرقا) (٤). وأما المحبة فقد بيّناها في كتب الأصولِ. وقد قال جماعة (من العلماء) (٥): إن المحبة هي الإيثار، ألا ترى إلى امرأة العزيز لما تناهَت قالت (أنا راودته عن نفسه) (٦) ففدته بنفسها، ولما دخل الصدّيق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار أرادت الحية أن تخرج من الجحر فسده


(١) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ..) الموطأ ٢/ ٩٠٧ والبخاري في كتاب الأدب باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} ٨/ ٢٣ ومسلم في كتاب البر والصلة والأداب باب تحريم الظن والتجسس والتنافس رقم (٢٥٦٣).
(٢) قال أبو عمر روى ابن وهب وغيره عن مالك كراهة المصافحة والمعانقة وبه قال سحنون وغيره وروي عن مالك خلافه وهو الذي يدل عليه معنى ما في الموطأ وعلى جوازه جماعة العلماء سلفًا وخلفًا وفيه آثارحسان شرح الزرقاني ٤/ ٢٦٥.
(٣) لم أجده بهذا اللفظ وإنما الذي وجدته ما ساقه البيهقي بسنده إلى أجلح بن عبد الله عن الشعبي عن جابر قال لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر قدم جعفر من الحبشة تلقاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبل جبهته ثم قال والله ما أدري بأيهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ثم قال ورواه الثوري عن أجلح مرسلاً دون ذكر جابر فيه. دلائل النبوة للبيهقي ٤/ ٢٤٦ وذكر الحافظ ابن كثير الطريقين المرسلة والمسندة في سيرته ٣/ ٣٩٠ - ٣٩١ ورواه أبو داود من طريق أجلح عن الشعبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل بين عينيه سنن أبي داود رقم (٥٢٢٠) وهذا مرسل أيضًا.
(٤) رواه أبو داود في سننه حديث رقم (٥٢١٢) والترمذي رقم (٢٧٢٧) وقال حديث حسن غريب من حديث أبي إسحاق وابن ماجه حديث رقم (٣٧٠٣) والبغوي في شرح السنة ١٢/ ١٨٩ والحديث صححه الشيخ ناصر في صحيح ابن ماجه ٢/ ٣٠٢.
(٥) ما بين القوسين زيادة من ك.
(٦) سورة يوسف آية (٥١).

<<  <   >  >>