للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فانقلبوا إليه بعهد الخلافة له على المغرب (١).

ورأي ابن خلدون هذا يعارضه سياق القاضي لرحلته مع والده فقد قال: (دعت الضرورة إلى الرحلة فخرجنا والأعداء يشمتون بنا .. ولقد كنت مع غزارة السببية ونضارة الشبيبة أحرص على طلب العلم في الآفاق) (٢).

وعندما كان ابن العربي في بيت المقدس وأراد والده الحج طلب منه أن يتركه مع مشايخه في تلك الديار لطلب العلم.

قلتُ لأبي رحمة الله عليه: إن كانت لك نيَّة في الحجِ فامضِ لعزمك فإني لست برايم هذه البلدة حتى أعلم علم من فيها وأجعل ذلك دستوراً للعلم وسلّماً إلى مراقيها. فساعدني حين رأى جِدّي وكانت صحبته لي من أعظم أسباب جِدي (٣).

فالنصوص السابقة تدل على أن ابن العربي كان هدفه من الرحلة هو المعرفة والتعرف على العلماء لكنه لم يقتصر على ذلك، فيما بعد، واتصلا بالخليفة المستظهر بالله ورفعا إليه خطاباً مطوَّلاً يذكران فيه ما يقوم به الأمير يوسف بن تاشفين من دعوة للخلافة الإِسلامية، وإشاعة العدل بين الرعية، وجهاد أعداء الإِسلام وطلبا من الخليفة التقليد له بأمير المسلمين بالمغرب. ولما وصلنا مدينة السلام ولقينا فيها كبار الإِسلام كتب أبي، برَّد الله مثواه، إلى الخليفة كتاباً في درج طويل على صفة أدراجهم في مخاطباتهم (٤). وقد أشاد عبد الله بن العربي، في هذا الخطاب، بيوسف بن تاشفين فوصفه بالعدل والجهاد المستمر لأعداء الدين، وفي نهاية الخطاب يستأذن الخليفة في صدوره، هو وابنه، إلى الوطن بعد أن ظلّا ببغداد عامين كاملين في ضيافة الخلافة العباسية.

وصدر جواب الخليفة على ظهر نفس الدرج بتاريخ رجب سنة (٤٩١ هـ) يتضمن التقليد الرسمي للأمير ابن تاشفين، كما يتضمن الأمر السامي إلى الأمير ابن تاشفين بأن يختص حاملي الخطاب، ابن العربي وولده، بالأنعام الذي يضفو عليهما برده ويصفو لهما وده ليظهر عليهما من المهاجرة جميل الأثر فليقابل الأمر الأسنى بالاستقبال إن شاء الله (٥).


(١) مقدمة ابن خلدون: ص ٢٢٩.
(٢) قانون التأويل قسم التحقيق: ص ١٠، قانون التأويل ص: ٢٦.
(٣) له (٥) أ.
(٤) انظر شواهد الجلة ل ٢أ، مخطوط الخزانة العامة ١٠٢٠.
(٥) انظر الكامل لابن الأثير ١٠/ ٤١٧ وعصر المرابطين والموحدين ١/ ٤٠ - ٤١.

<<  <   >  >>