للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.... وروت جماعة في الحديث فكمل الله لآدم الألف ولداود الأربعين (١) ولكونها ولاية من الولايات وكثرة فساد الناس فيها وتتابعهم بالمسامحة بالزور في أدائها ما صارت في بغداد والشام ولاية من قبل الإمام والقاضي وصارت الفتوى مرسلة فلا يشهد ببغداد والشام إلا من ولاه القاضي ويفتي كل من علم من غير إذن فهذه من المصلحة لأن المفتي إن زاغ فضحه العلم والشاهد لا يعلم زيفه إلا الله وقلب أهل بلادنا في ذلك القوس (٢) ركوة وسيرة بغداد أصلح وأحسن ولأجل ذلك كان الشاهد من جمع خصالاً خمسة: البلوغ، الذكورية، الإِسلام، العدالة، المروءة، واختلف في السادس وهو الحرية فأما البلوغ فأجمعت الأمة عليه لأن الصغير قليل الضبط ناقص العقل يقبل الخديعة فلذلك لم تجز شهادته ولم يقل بجواز شهادته أحد فيما علمته إلا عبد الله بن الزبير فإنه جوز شهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح (٣) وتابعه علماؤنا واختلف قول مالك في القتل وذكر في الموطأ من شروط قبول شهادتهم واحداً وهو الا يخببوا بعد تفرقتهم أو يُعلموا (٤) وذكر المحررون من علمائنا أن شروط قبول شهادة، الصبيان تسعة العقل، الإِسلام، الذكورية، الحرية بينهم في الجراح واختلف قوله في العقل قبل التفرق (٥) اثنان فصاعداً.

فأما اشتراط العقل فلأنه أصل التحصيل وأما اشتراط الإِسلام فلأن الكافر لا شهادة له لأن الله تعالى وصفه بالكذب ولأنها ولاية شرطها الكرامة والكافر حقه الإهانة وقال أبو حنيفة


= فجحدت ذريته ونسي فنسيت ذريته قال: فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود" قال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، سنن الترمذي ٥/ ٤٥٣.
والحديث فيه سعيد بن أبي سعيد المقبري أبو سعد المدني ثقة من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين ع ت ص ٢٣٦ ولعل وجود سعيد في هذه الرواية هو الذي حمل الترمذي على أن يقول حسن غريب وقد صحح الرواية السابقة عن أبي هروة والتي ليس فيها سعيد.
(١) أما قوله فكمل الله لآدم الألف ولداود الأربعين فقد ذكره الشيخ هنا وفي العارضة ١١/ ١٩٩، ولم أجده عند غيره.
(٢) هدا مثل يضرب في الأدبار وانقلاب الأمور. ترتيب القاموس ٢/ ٣٨٥.
(٣) قال مالك عن هشام بن عروه أن عبد الله بن الزبير كان يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح. الموطأ ٢/ ٧٢٦.
قال أبو عمر اختلف عن ابن الزبير في ذلك والأصح أنه كان يجيزها إذا جيء بهم حالة نزول النازلة وروى مثله عن علي من طرق ضعيفة. شرح الزرقاني ٣/ ٣٩٦.
(٤) قال مالك وإنما تجوز شهادتهم إذا كان ذلك قبل أن يتفرقوا أو يخببوا أو يعلموا. الموطأ ٢/ ٧٢٦.
(٥) قال الباجي اختلف قول أصحابنا في جوازها في القتل فروى ابن القاسم عن مالك في كتاب سحنون أنها تجوز بينهم في القتل ومنع من ذلك أشهب. المتنقي ٥/ ٢٢٩.

<<  <   >  >>