للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحكام القرآن (١)، وشرح الحديث وكتب الأصول ومن فصول الشريعة وفضلها وحكمتها البالغة ما وضع الله من الرقى في إذهاب الأمراض من الأبدان بها وإبطال سحر الساحِر منها وردَّ عين العائن عند الاسترقاء بها ودفع ضرر كل مضرٍ بإذن الله سبحانه بالشّخص فيها وذلك لا تستقر به نفوسكم ولا تنشرح عليه صدوركم، إلا إذا علمتم أن البارئ تعالى هو الذي خلقَ الشفاء عند استعمال الدواء لاحظ في الدواء في ذلك إلا جري العادة، وإن الذي يشرب الغاريقون (٢) فإذا وقعَ في معدتِه ألان الله تعالى به (٣) البلغم، فأخرجه عنه وأبقى سائر الأخلاط على صفتها، وكذلك إذا شربَ السقمونيا (٤) فاستقرت في معدته ألان الله تعالى له الصفراءَ، فأخرجها عنه وترك سائر الأخلاط على هيئتها فيا عجبا لقومٍ يدعون أن الغاريقونَ والسقمونيا يفعلان هذا الفعل الغريبَ أو يصحُّ في عَقل واحدٍ أن يكونَ جمادًا فاعلًا، فإن قال ذلك طبع فيهما. قلنا: كلمةُ باطل أريد بها (باطل ما) (٥) الطبع والتّطبع، إنما هو الله تعالى يصرف مخلوقاته كيف شاء، وكما يصرفُ الأفعال الغريبة داخل البدن بالأدوية كذلك يصرفها من خارج البدن بالرقاء والتعويذ وقد شاهدنا ذلك والمشاهدة أقوى من الدليل النظري وقد استوفينا الكلام مع هؤلاء في كتب الأصول فإن قيل فإذا جوّزتم الاسترقاء فهل يجوز أن يسترقي الرجل بالكافر (٦) قلنا ذلك جائز فدعهم يقولون فإن قالوا حقاً


(١) قال في الأحكام ص (٣١) من أقسامه فعل ما يفرق به بين المرء وزوجه ومنه ما يجمع بين المرء وزوجه ويسمى التولة وكلاهما كفر والكل حرام قاله مالك وقال الشافعي السحر معصية إن قتل بها الساحر قتل وإن أضر بها أدب على قدر الضرر وهذا باطل من وجهين أحدهما أنه لم يعلم السحر وحقيقته إنه كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى وتنسب إليه فيه المقادير والكائنات والثاني أن الله سبحانه قد صرح في كتابه بأنه كفر لأنه تعالى قال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} من السحر وما كفر سليمان بقول السحر ولكن الشياطين كفروا به وبتعليمه وهاروت وماروت يقولان إنما نحن فتنة فلا تكفر وهذا تأكيد للبيان.
(٢) الغاريقون شراب يعزى استخراجه إلى أفلاطون وهو رطوبات تتعفن في باطن متآكل من الأشجار حتى عن التين والجميز وقيل هو عروق منقلة أو قطر يسقط من الشجر والأنثى الخفيف الأبيض الهش والذكر عكسه وهو مركز قوي وذكر الأنطاكي من فوائده الكثير. تذكرة داود الأنطاكي ١/ ٢٤٣.
(٣) زيادة من ج.
(٤) السقمونيا عبارة عن لبن ينوعات مخصوصة تنبت بالأحجار والجبال أصلاً واحدًا يتفرع عنه قضبان كثيرة تطول نحو ثلاثة أذرع وعليها رطولة دقيقة لزجة وذكر من منافعه داود الأنطاكي الكثير. انظر تذكرة داود الأنطاكي في الطب ١/ ١٩٣.
(٥) زيادة من ح وم.
(٦) في ج وك الكفار.

<<  <   >  >>