للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك محرمًا للذة البطنِ والشطرنج (١) أخو النرد غذاه بلبانه، وساواه في لهوهِ عن ذكرِ الله تعالى وعن الصلاة وأشغاله، وقد جوزه الشافعي (٢) وانتهى حال بعضهم إلى أن يقول هو مندوب إليهِ حتى اتخذوه في المدرسةِ، فإذا أعيا الطالب من القراءة لعبَ بالشطرنج في المسجدِ وأسندوا إلى قوم من الصحابة والتابعين إنهم لعبوا بها (٣) وما كان ذلك قط، وتالله ما مستها يد تقي، ويقولون إنها تشحذ الذهن والعيان يكذبهم، ما تبحر فيها قط رجل له ذهن. سمعتُ الإِمام أبا الفضل عطاء المقدسي يقول بالمسجدِ الأقصى في المناظرةِ إنها تعلم الحربَ، قال له الطرطوشي بل تفسد تدبير الحرب لأنّ الحرب المقصود منها الملك واغتياله وفي الشطرنج تقول له شاه إياك الملك نحّه عن طريقي، فاستضحك الحاضرونَ، وتارة شدَّد فيها مالك رضي الله عنه فحرمها وقال فيها فماذا بعدَ الحق إلَّا الضلال، وتارَةً استهان بالقليلِ منها, ولا هون والقول الأول أصح والله أعلم (٤).


(١) قال الزرقاني (الشطرنج) بكسر الشين وفتحها مع الأعجام والاهمال أربع لغات حكاها ابن مالك فالإعجام من المشاطرة وكأن كل لاعب له شطر من القطع والإهمال من تشطير الرقعة بيوتًا عند التبعية وتعقب ذلك ابن بري بأن الأسماء العجمية لا تشتق من الأسماء العربية وبأنها خماسية واشتقاقها من الشطر يوجب أنها ثلاثية فيكون النون والجيم زائدتين وهذا بين الفساد. شرح الزرقانى ٤/ ٣٥٧، وقال القاري الشطرنج بكسر أوله معرب شش رنج أي ست محن وقيل بفتحها وهو معرب شطرنج أي ساحل التعب ولا يفتح أوله لعبة معروفة والسين لغة فيه. أوجز المسالك ١٥/ ٩٢.
(٢) قال البغوي كره الشافعي اللعب بالشطرنج والحمام كراهية تنزيه لاكراهية تحريم إلا أن يغامر به فيحرم. شرح السنة ١٢/ ٣٨٥ ونقل عنه البيهقي قوله وإذا كانوا هكذا يعني أمل الأهواء فاللاعب بالشطرنح وإن كرهنا له وبالحمام وإن كرهنا له أخف حالًا من هؤلاء بما لا يحصى ولا يقدر. قال البيهقي: وإنما قال ذلك لما فيه من اختلاف العلماء. السنن الكبرى ١٠/ ٢١١.
(٣) قال البغوي اختلف أهل العلم في إباحة اللعب بالشطرنج فرخص فيه بعضهم لأنه قد ينتصر به في أمر الحرب ومكيدة العدو ولكن بثلاث شرائط ألا يقامر به ولا يؤخر الصلاة عن وقتها وأن يحفظ لسانه عن الخناء والفحش فإن فعل شيئًا منها هو ساقط المروءة مردود الشهادة وإلى الرخصة فيه ذهب سعيد بن جبير وروي أنه كان يلعب به استدباراً وكان الشعبي يلعب به. شرح السنة ١٢/ ٣٨٥.
ونقل البيهقي بسنده إلى سعيد بن جبير إنه كان يلعب به وكذلك محمَّد بن سيرين وهشام بن عروة فقد كانا يلعبان به استدبارًا مثل سعيد وكان الشعبي يلعب به ذلك إنه كان متواريًا عن الحجاج. السنن الكبرى ١٠/ ٢١١.
(٤) قال يحيى وسمعت مالكًا يقول: لا خير في الشطرنج وكرهها وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآية {فماذا بعد الحق إلا الضلال} الموطأ ٢/ ٩٥٨.
قال الباجي وأما كراهية اللعب بها جملة فلا خلاف عند مالك في ذلك قليلًا كان أو كثيرًا لقمارٍ كان أو لغير قمار=

<<  <   >  >>