للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(دعوها ذميمة) (١) ومعنَى هذا والله أعلم أنه عسر عليهم قلع ذلك من نفوسهم فكره أن يعيشوا في غم فأمرهم بالارتحال عنها ومن نحوِ هذا في الفألِ والطيرة كراهية الأسماء القَبيحة والاستحسان للأسماء الحسنةِ والاستبشار بها، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتفاءل بالأسماء الحسنةِ للرجال والبِقاع (٢) وذلك كثير. حديث: قال عمر بن الخطّاب لرجل: "ما اسمك؟ قال: جمرة. قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب. قال: ممن؟ قال: من الحُرقةِ. قال: أين سكنك؟ قال: بحرة النَّارِ. قال: بأيها؟ قال: بذاتِ لظى. قال عمر رضي الله عنه: أدرك أهلك فقد احترقوا، فكان كما قال عمر رضي الله عنه" (٣)، اختلف في هذا الحديث فمنهم من قال إن عمر أدركه إلهام من الله تعالى ألقاهُ في روعهِ كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ في كل أمة محدثون وإن عمرَ منهم) (٤)، وقيل إنما ذلك فراسة واستدلال بظاهرٍ على باطنٍ وإنفاذ قضاء سابق بسبب حاصلٍ، والحكمة التي استدل بها عمر وتفرَّسها


(١) مالك عن يحيى بن سعيد إنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (دعوها ذميمة)، الموطأ ٢/ ٩٧٢، قال ابن عبد البر: وهذا محفوظ من وجوه منها حديث أنس يرويه عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس. التجريد ص٢٣٢، هذه الطريق التي ذكر ابن عبد البر هي رواية أبي داود عن أنس بن مالك قال: قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في داركثير فيها عددنا وكثير فيها أموالنا فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا .... أبو داود (٣٩٢٤)، ورواه البيهقي في السنن ٨/ ١٤٠، وأورده صاحب كنز العمال ١٠/ ١٢٧ الحديث (٢٨٦٤٠) وعزاه لابن جرير.
وقد ورد في حديث أبي داود أن السائل رجل، قال الزرقاني: ويجمع بينهما بأن كلا من الرجل والمرأة سأل عن ذلك، شرح الزرقاني ٤/ ٣٨١.
(٢) روى أبو داود بسنده إلى عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم - لا يتطير من شيء وكان إذا بعث عاملًا سأله عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي بشر ذلك في وجهه وإن كره اسمه رؤي كراهية ذلك في وجهه وإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه فرح ورؤي بشر ذلك في وجهه وإن كره اسمها رؤي كراهية ذلك في وجهه. (٣٩٢٠) ورواه أحمد ٥/ ٣٤٧ - ٣٤٨، والبغوي في مصابيح السنة ٣/ ٢٥٣ وحسنه.
(٣) مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطّاب قال لرجل: ما اسمك ... الموطأ ٢/ ٩٧٣، وهو منقطع وقد وصله أبو القاسم بن بشران في فوائده من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر وصاحب هذه القصة مع عمر ذكره الحافظ في الإصابة فقال: جمرة بن شهاب مخضرم له قصة مع عمر رويناها في فوائد أبي القاسم بن بشران من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ... ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيّب قال عمر فذكر نحوه ... الإصابة ١/ ٢٧٥ وانظر شرح الزرقاني ٤/ ٣٨٢.
(٤) متفق عليه أخرجه البخاري في الفضائل باب مناقب عمر بن الخطّاب ٥/ ١٥ ومسلم في فضائل الصحابة باب فضائل عمر (٢٣٩٨) من حديث ابي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لقد كان فيماكان قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتى أحد فإنه عمر) لفظ البخاري وأما رواية مسلم فهي من طريق عائشة.

<<  <   >  >>