للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شغلٍ فالله تعالى أولى به، وإذا ارتفع العذرُ تعيَّن الرجُوع إلى الأهل لحقهم فإذا رجع إليهم فلا يدخُل إليهم إلا كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم - فليُطرقهن ولو بحجر (١). خرَّجه الدارقطني.

ومن الرفق في السفرِ، الرفق بالأجير وَالرفق بالمملوك، وقد بوَّب مالك رضي الله عنه على الرفق بالمملوك وأدخلَ حديث أبي هريرة للمملوك طعامه وشرابه (٢) وفي الصحيح حديثان حسنانِ (٣). أما أحدُهما فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إخوانكم خولكم ملككم الله رقابهم فأطعموهم مما تأكلون) (٤) الحديث. والثاني حديث أبي مسعودٍ قال: كنتُ أضربُ غلامي، فإذا بصوتٍ من خلفي يقول: (إعلم) (٥) أبا مسعودٍ، إعلم أبا مسعود، فصَرفت بَصري. فإذا رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأيتُه ألقيتُ السَوط، فقال لي: (الله أقدرُ منك) (٦). وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق يضربُ غلامهُ في السفر، فجعل النبي-صلى الله عليه وسلم - يبتسم ويقول: (أُنظروا إلى هذا المحرم يضرب غلامه) (٧)، فوعظَ أبا مسعودٍ بالقدرة لما كان يعلم في قلبهِ من الغلظةِ، ووكل أبا بكرٍ الصديق لما علم في قلبه من الرأفة (٨) وما زادهُ على الذكر لأنه محرم، ومن تجرَّد عن المباحِ أولى وأحرى أن يتجرد عن المكروه أو المحذور أو ضرر الغير. خرَّجه أبو داود وغيره.


(١) لم أطلع عليه.
(٢) الموطأ ٢/ ٩٨٠ مالك إنه بلغه أن أبا هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق) ورواه مسلم في كتاب الإيمان باب إطعام المملوك مما يأكل وإلباسه مما يلبس من حديث أبي هريرة موصولًا (١٦٦٢).
(٣) في م صحيحان وهي الأولى.
(٤) متفق عليه أخرجه البخاري في الإيمان باب المعاصي من أمر الجاهلية ١/ ٤، ومسلم حديث (١٦٦١) (٣٨ و ٣٩ و٤٠) من حديث أبي ذر.
(٥) ليست في ك وم.
(٦) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب صحبة المماليك حديث (١٦٥٩) وأبو داود (٥١٥٩ و ٥١٦٠)، والترمذي (١٩٤٨) قال حسن صحيح.
(٧) أبو داود (١٨١٨) في الحج من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجاجًا حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلنا ... وكانت زمالة أبي بكر وزمالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة مع غلام أبي بكر فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه فطلع وليس معه بعيره قال: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة قال: فقال أبو بكر: بعير واحد تضله قال فطفق يضربه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم ويقول: (انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ...)، ورواه ابن ماجه (٢٩٣٣) وصححه الشيخ ناصر في صحيح ابن ماجه ٢/ ١٥٨.
(٨) في م الرفق.

<<  <   >  >>