للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -: "وَمِنْ أَيْنَ يَكونُ الْشَّبَهُ" دليل على أن الولد مخلق من الماءين قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا سَبَقَ مَاءُ الْرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأةِ أَذَكَرا، وإذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ آنثاً" (١). وروي: إذَا سَبَقَ مَاءُ الرجُل مَاءَ الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَا أشْبَهَ الرَّجُلُ أَعمَامَهُ، وَإذَا سَبَق ماءُ الْمَرْأَة مَاءَ الْرَّجُلِ أَوْ عَلَا أَشْبَهَ الرَّجُلُ أَخوَالَهُ (٢).

وتعارض (٣) الحديثان في الظاهر، والجمع بينهما بيّن وذلك أن للماءين أربعة أحوال.

الأول: أن يخرج ماء الرجل أولاً.

الثاني: أن يخرج ماء المرأه أولاً.

الثالث: أن يخرج ماء الرجل أولاً ويكون أكثر.

الرابع: أن يخرج ماء المرأة أولاً ويكون أكثر.

ويتم التقسيم بأن يخرج ماء الرجل أولاً ثم يخرج ماء المرأة أولاً فيكون أكثر، أو بالعكس من ذلك، ويتركب على هذا الوجود، الذي أشار إليه النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: "وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ"؛ فإذا خرج ماء الرجل أولاً وعلا وكان أكثر جاء الولد ذكراً بحكم السبق واشبه الولد أعمامه بحكم الغلبة والكثرة، وان خرج ماء المرأة أولاً، وكان أكثر من ماء الرجل أو علا، جاء الولد أنثى بحكم سبق ماء المرأة وأشبه أخواله بحكم الغلبة والكثرة. وإن خرج ماء الرجل أولاً لكن لما خرج ماء المرأة بعده كان أكثر وأعلا كان الولد ذكراً بحكم السبق وأشبه أخواله بحكم غلبة ماء المرأة وكثرته. وإن سبق ماء المرأة لكن لما خرج ماء الرجل كان أعلى من ماء المرأة وأكثر كان الولد أنثى بحكم سبق ماء المرأة وأشبه أعمامه بحكم غلبة ماء الرجل وكثرته. وبانتظام هذه الأقسام يستتب الكلام ويرتفع التعارض عن الأحاديث (٤).


(١) مسلم في كتاب الحيض باب صفة مني المرأة وأن الولد مخلوق من مائهما ١/ ٢٥٢ من حديث ثوبان رضي الله عنه.
(٢) مسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، من حديث عروة عن عائشة ١/ ٢٥١ - والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ١٦٨.
(٣) في م تعارضت.
(٤) قال النووي: قال العلماء: يجوز أن يكون المراد بالعلو هنا السبق ويجوز أن يكون المراد الكثرة والقوة بحسب الشهوة. شرح النووي على مسلم ٣/ ٢٢٥.

<<  <   >  >>