للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيطان لا يألو في إفساد الصلاة على العبد قولًا بالوسوسة حتى لا يدري كم صلّى، وفعلًا بالتقدم على الإِمام حتى يفسد فرض الاقتداء.

فأما الوسوسة فدواؤها الذكرى والإقبال على ما هو فيه. وأما التقدم على الإِمام فعلة ذلك طلب الاستعجال ودواؤه أن يعلم أنه لا يسلِّم قبله فلِمَ يستعجل هذه الأفعال. وفي الحديث "أما يَخْشَى الَّذِي يَرْفعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ الله رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارِ" (١)، وليس يريد به عند العلماء المسخْ صورة وإنما يريدون به الحمارية معنى، وهو البله ضرب له الحمار مثلًا لأنه أشد البهائم بلهاً (٢) في تلك الحال وهذا كقوله، - صلى الله عليه وسلم -:" لِيَنْتَهِيَنَّ أَقْوامٌ عَنْ رفْعِهِمْ أبْصارِهِمْ إلى السَّمَاءِ في الصَّلَاةِ أَوْ لَتُخْطَفُنَّ أَبْصارُهُمْ" (٣) وليس يريد بذلك إذهابها بالعمى، وإنما يشير به إلى ذهاب فائدتها من العبرة.


= النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الذي يَخْفِضُ وَيرْفَعُ قَبْلَ الإِمَامِ نَاصِيَتُهُ بِيَدِ شَيْطَانٍ". قال البزار: لا نعلم روى مليح عن أبي هُرَيْرَة إلَّا هذا. كشف الأستار عن زوائد البزّار ١/ ٢٣٣، وعزاه الهيثمي إلى البزّار، والطبراني في الأوسط وقال: إسناده حسن. مجمع الزوائد ٢/ ٧٨. وعزاه لعبد الرزاق وأن روايته موقوفة فقال: وقد ورد الزجر عن الخفض والرفع قبل الإِمام في حديث أخرجه البزّار من رواية مليح ابن عبد الله السعدي عن أبي هُرَيْرَة مرفوعاً وقد أخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفاً وهو المحفوظ. فتح الباري ٢/ ١٨٣.
أقول: مليح بن عبد الله السعدي لم أجد له ترجمة في التقريب والتهذيب، وتعجيل المنفعة، وميزان الاعتدال، والكامل والضعفاء للعقيلي، وغير ذلك من الكتب، ولم يذكره إلا ابن أبي حاتم ولم يعدله ولم يجرحه فقال: مليح بن عبد الله السعدي روى عن أبي هُرَيْرَة، وروى عنه محمَّد بن عمرو بن علقمة سمعت أبي يقول ذلك. الجرح والتعديل ٤/ ٣٦٧.
درجة الحديث: الذي يظهر لي أنه ضعيف لأن مليحاً لم أجد من وثقه، وقد قال ابن عبد البر: إن معنى الحديث ثابت، وانظر الحديث الآتي.
(١) متفق عليه.
البخاري باب إثم من رفع رأسه قبل الإِمام ١/ ١٧٧، ومسلم في الصلاة باب تحريم سبق الإِمام ١/ ٣٢٠، وأبو داود ١/ ٤١٣، والترمذي ٢/ ٤٧٥، والنسائي ١/ ١٣٢، والدارمي ١/ ٣٠٢، وابن ماجه ١/ ٣٠٨، كلهم من رواية أبي هُرَيْرَة.
(٢) في (ك)، و (م)، و (ص) زيادة ولا حمارية أعظم من أن يلتزم الاقتداء مع الإِمام ثم يخالف ما التزم في تلك الحال.
(٣) مسلم في كتاب الصلاة باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة ١/ ٣٢١ من رواية أبي هُرَيْرَة وجابر بن سمرة.
ورواه البخاري في صفة الصلاة باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة ١/ ١٩١، وأبو داود ١/ ٥٦١ - ٥٦٢، وشرح السنة ٣/ ٢٥٨ كلهم من حديث أنس.

<<  <   >  >>