للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: نسيانه - صلى الله عليه وسلم -.

والثاني: قصر الصلاة.

فأما اليوم فقد سقط أحد الاحتمالين وهو القصر وبقي النسيان، فإذا فعل ذلك الإِمام سبّح به القوم رجاء أن يتذكر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ" (١)، فإنه إذا سبّح التفت إليه، فإن لم يفقه عنه فليصرح له بالكلام فإن الكلام في مصلحة الصلاة جائز إذا احتيج إليه، كما فعل أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٢).

فإن قيل: إنما تكلم أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بقدر التقصير وقد زال ذلك العذر اليوم فلا وجه للكلام.

قلنا: هذا باطل لأنهم قد تكلموا بعد أن أخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الصلاة لم تُقصر، وقد استوفينا القول مع المخالفين (٣) في مسائل الخلاف.


(١) حديث متفق عليه أخرجه البخاري في الصلاة باب العمل في الصلاة ٢/ ٧٩ وفي كتاب الأحكام باب الإمام يأتي قوماً فيصلح بينهم ٩/ ٩٢، ومسلم في كتاب الصلاة باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة ٨/ ٣١١، وأبو داود ١/ ٥٧٨، والترمذي ٢/ ٢٠٥، وقال: حديث أبي هُرَيْرَة حسن صحيح، والنسائي ٣/ ١١، وابن ماجه ١/ ٣٢٩، والدارمي ١/ ٣١٧، وقد ورد الحديث من رواية أبي هُرَيْرَة وسهل بن سعد.
(٢) يقصد بذلك ما حصل في قصة ذي اليدين السابقة.
(٣) المخالفون هنا يقصد بهم الأحناف. قال ابن الهمام: ومن تكلّم في صلاته عامداً أو ساهياً بطلت صلاته.
شرح فتح القدير لابن الهمام ١/ ٢٨٠.
وقال ابن عبد البر: وأما أصحاب أبي حنيفة، الذين لم يجيزوا الكلام في شأن إصلاح الصلاة، فيلزمهم ألا يجيزوا المشي للراعف والخروج من المسجد للوضوء وغسل الدم في الصلاة لضرورة الرعاف، فإن أجازوا ذلك فليجيزوا الكلام في شأن إصلاح الصلاة. والله أعلم. الاستذكار ٢/ ٢٣٥.
وانظر المجموع للنووي ٤/ ٨٥.

<<  <   >  >>