للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما العقل فلا خلاف فيه لأن عديم العقل لا يخاطب بشيء، حسب ما قررناه في الأصول (١)، وليس في رفع الخطاب عنهم حديث صحيح (٢)؛ وإنما يعول فيه على الإجماع، وكذلك البلوغ لا خلاف فيه أيضًا، وهو منوط بالأول لأن الصبي عديم العقل ولا يزال يتدرج في المعرفة حالًا بعد حال حتى يكمل له ويتدارك بعضه ببعض، وليس ذلك مما يدركه الخلق فنصب الله تعالى عليه علامته وهو الاحتلام للغلام والحيض للجارية، فإن عدمها فالسن، وليس في تقديره حديث يعوّل عليه والأصل هو القياس يرجع إليه، إلا أنه روي في الحد حديثان صحيحان يرجع إليهما.

أما أحدهما: فإن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم - (أجاز في الغزو ابن خمس عشرة سنة ورد من دونه) (٣).

وأما الثاني: فحكمه في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه المواسي (٤).


(١) انظر المحصول في علم الأصول ل ٣/ أ.
(٢) ورد ذلك في الحديث الآتي وهو صحيح رواه أبو داود في سننه من طريق طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ في جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٍ: عبدٍ مَمْلُوكٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبيٍّ أَوْ مَريضٍ. قال أبو داود: طارق بن شهاب قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه شيئاً. سنن أبي داود ١/ ٢٨٠، والبيهقي ٣/ ١٨٣.
وقال الحافظ في الإِصابة ٢/ ٢٢٠: إذا ثبت أنه لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو صحابي على الراجح، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح. وقد أخرج له النسائي عدة أحاديث وذلك مصير منه إلى إثبات صحبته، وقد مات سنة ٨٢، وقيل غير ذلك.
درجة الحديث: قال الحافظ صححه غير واحد. تلخيص الحبير ٢/ ٦٩، وقال في الفتح إسناده صحيح. فتح الباري ٢/ ٣٥٧ وصححه أيضاً القرطبي في تفسيره ١٨/ ١٠٦.
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب بلوغ الصبيان وشهاداتهم ٣/ ١٥٤ - ١٥٥، ومسلم في كتاب الإِمارة باب بيان سن البلوغ ٣/ ١٤٩٠ من رواية ابن عمر قال: "عَرَضَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ في الْقِتَالِ وَأَنَا ابْنُ أَرْبعَ عَشَرَةَ سَنَة فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخِنْدَقِ وَأَنَا ابْن خَمْسَ عَشَرَةَ فَأَجَازَني قَالَ نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهوَ خَلِيفَة فَحدَّثتُهُ هذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ هَذَا حَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشَرَةَ".
(٤) أبو داود ٤/ ٥٦١، والترمذي ٤/ ١٤٥ - ١٤٦، وقال: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم أنهم يرون الإِنبات بلوغاً إن لم يعرف احتلامه ولا سنه، وهو قول أحمد وإسحاق، والنسائي ٦/ ١٥٥، وابن ماجه ٢/ ٨٤٩، والحاكم ٣/ ٣٥، وقال صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه وكذا قال =

<<  <   >  >>