للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: "مَنْ أَدرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدرَكَ الصَّلَاةَ" (١)، فهبك أن الخطبة بدل من ركعتين أليس بإدراك ركعة من الظهر يكون مدركاً لأربع فأولى وأحرى بأن يكون بركعة من الجمعة مدركاً لها.

فإن قيل إذا أدرك ركعة من الظهر جاء بالثلاث فيصح إدراكه بخلاف ما إذا أدرك ركعة من الجمعة، فإنه إنما يأتي بواحدة وتفوته الخطبة قلنا الجواب عنه من ثلاثة أوجه:

الأول: روى النسائي أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدرَكَ الْجُمُعَةَ" (٢).

الثاني: أن الخطبة فرض على الإِمام والمأموم، ففرض الإِمام منها القول، وفرض المأموم الاستماع فمن لم يسمع لم يتوجه عليه فرض، وكذلك قال بعض علمائنا إن من كان من الجمعة في موضع لا يسمع فيه الإِمام لم يلزمه فيه (٣) الإنصات، وان كان مندوباً إليه، لقول عثمان رضي الله عنه: "فَإِنَّ لِلْمُنْصِتِ الّذِي لَا يَسْمَعُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَ مَا لِلْمُنْصِتِ السَّامِعَ" (٤).

الثالث: إنا لا نسلم أن الخطبة عوض عن الركعتين، وكيف تكون عوضاً عنهما وهي ليست من جنسهما. نعم، وقد قال علماؤنا: ولا تفتقر إلى الطهارة وليس لها مقدار محدد بخلاف الركعتين في ذلك كله، وهذا يبطل دعوى العوضية فيها والأمر أظهر من هذا الإطناب.

تتميم: إن ترك رجل الجمعة متعمداً فقد أذنب ذنباً عظيماً، وحرم نفسه أجرًا كريماً على القول بأنها فرض على الأعيان، كما قدمناه، ولذلك كفّارة قدّرها النبي - صلى الله عليه وسلم -. روى


(١) متفق عليه البخاري في مواقيت الصلاة باب من أدرك من الصلاة ركعة ١/ ١٥١، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ١/ ٤٢٣، وأبو داود ١/ ٦٦٩، والترمذي ٢/ ٤٠٢ - ٤٠٣ كلهم عن أبي هُرَيْرَة.
(٢) سنن النسائي ٣/ ١١٢ من رواية أبي هُرَيْرَة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال ..
درجة الحديث: صحيح.
(٣) في (م) منه.
(٤) رواه مالك في الموطأ ١/ ١٠٤، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان قال ... وعبد الرزاق ٣/ ٢١٢، والبغوي في شرح السنة ٤/ ٢٥٩.
درجة الأثر: صحيح.

<<  <   >  >>