للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا إن صح بديع، وقوله: (لَخُلُوفُ فَمِ الصائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ) (١).

مثل وجه التمثيل فيه أن المسك محبوب للنفس والصوم أحب إلى الله تعالى، وأقرب إليه، من حب المسك اليكم وقربه من أنفسكم، إشارة إلى أن المسك أطيب الطيب .. كذلك الصوم أفضل العبادة. فإن قيل فهل يكون أفضل من الصلوات بهذا المعنى؟ قلنا: العبادة على ضربين: متعدية ولازمة، فالصوم أفضل اللازمة لأنه منها، فإن قيل: والصلاة لازمة فهل هو أفضل منها؟ قلنا: لا أفضل من الصلاة، وإنما يكون فضل الصوم بعدها، وقوله: (وَللصائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَة عِنْدَ الْإفْطَارِ) بلذة الطعام، وقال أهل (العبادة) (٢): فرحته تمام الصيام، وإذا لقي الله تعالى كان أشد فرحاً.

حديث: قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، (وَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلا تُفْطِرُوا حَتى تَرَوْهُ فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ) (٣)، الحديث إلى آخره. أمر الله تعالى بصوم رمضان وربطه برؤية الهلال، قال الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٤) ولوجوبه ثلالة شروط: البلوغ والصحة والإقامة.

فإن العبادات عندنا واجبة على الكفار (٥)، وإنما سقط القضاء بدليل، وكذلك يجب الصيام عندنا على المجنون (٦)، في تفصيل بيانه في كتب المسائل، وألزم الله تعالى، عند


= إلَّا الصَّوْمَ فَإنه لي فَقَالَ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ يُحَاسِبُ الله عَزَّ وَجلَّ عَبْدَة وَيؤَدي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ سَائِرِ عمَلِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى إلًا الصوْم فَيَتَحَملُ الله مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُة بِالصوْمِ الْجَنَّةَ) الترغيب والترهيب ٢/ ٨٢، وقال الحافظ روى البيهقي من طريق إسحاق بن أيوب ابن إحسان الواسطي عن أبيه عن ابن عيينة قال: إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُ الله عَبْدهُ وُيؤدِّي مَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ عَمَلِهِ حَتى لَا يَبْقَى لَهُ إلَّا الصوْم فَيَتَحَمل الله مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيدْخِلُة بالصوْمِ الْجَنة، فتح الباري ٤/ ١٠٩.
درجة الحديث: قال المنذري هو غريب، الترغيب والترهيب ٢/ ٨٢.
(١) تقدم.
(٢) في (م) الفقه.
(٣) متفق عليه. البخاري في كتاب الصوم باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رَأيْتم الْهِلاَلَ فَصُومُوا) ٣/ ٣٤، ومسلم في كتاب الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال ٢/ ٧٥٩، ومالك في الموطّأ ١/ ٢٨٦، والبغوي في شرح السنة ٦/ ٢٢٧ كلهم من حديث ابن عمر.
(٤) سورة البقرة آية ١٨٥.
(٥) انظر تفصيل ذلك في شرح التنقيح ص ٧٣.
(٦) أما عند الشافعي فلا يجب عليه. انظر المجموع ٦/ ٢٥٤.

<<  <   >  >>