للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السؤال: كيف تنزَّه زيد عما يذبح للأنصاب (١) واحتمله النبي - صلى الله عليه وسلم -، للزاد، وهذا مما اتفقت الملل على تحريمه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، على ملَّة إبراهيم؟ أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة لبابها أربعة.

الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يكن يلتزم قبل المبعث شرعاً وإنما كان منزَّهاً معصوماً من كل دناءة ومضلَّة حتى جاءه الحق وهو معنى قوله تعالى {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (٢) في أولى الروايات (٣).

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان على شرع قبل المبعث ومن آياته أن أحداً لم يعلمه ولا نقله.

الثالث: أن هذا خبر واحد وخبر الآحاد فيما طريقه العلم لا العمل لا يوجب شيئاً (٤).

الرابع: أن المحرم الذبح على النصب والإهلال لغير الله تعالى فهذا هو المحرم القبيح (٥) الكفر، فأما أكله بعد ذلك فليس من الذبح في شيء. ألا ترى أن الأضحية تذبح لله تعالى ثم تؤكل للدنيا، والعبادة إنما هي في الذبح أو النحر خاصة فكان النبي - صلى الله عليه وسلم -، منزهاً عن الدناءة والحرام والكفر ولم يكن هنالك شرع في تحريم الأكل فكان يأكل من طعام أهل بيته قبل البعث كما نأكل نحن من طعام أهل الكتاب بعد ذبحهم (٦)، وهذا وإن كان كارهاً خارجاً عن الأصل ولكن بالقول الأول أقول.


(١) في (م) الأصنام.
(٢) سورة الضحى آية ٧.
(٣) في (م) التأويلات.
(٤) الراجح أنه لا فرق بين العلم والعمل كما رجحه د. أحمد محمود عبد الوهاب في رسالته خبر الواحد وحجته ص ١٣٦؛ فقد قال بعد سوق الأدلة على ذلك: فتبين بما ذكر أن خبر الواحد حجة توجب العمل مثل خبر التواتر، فكما يجب العمل بخبر التواتر في كل ما دلّ عليه سواء كان في الأحكام أم في العقائد، فكذلك دل عليه خبر الواحد العدل.
(٥) انظر كلام الحافظ في الفتح على هذه الأقوال ومناقشتها ٧/ ١٤٣ - ١٤٤.
(٦) في (م) بعد حكمهم والأولى ما في الأصل.

<<  <   >  >>