للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقول يوجب الضمان على الغارّ خلافاً لأبي حنيفة (١) و (ش) (٢). ووقعت مسائل ظنّ الغافلون من أصحابنا حين جاء فيها غرور من قول قائل فلم ير عليه مالك ضماناً إنه اختلاف قول وإنما ذلِك لأنهم لم يعلموا حد الغرور الموجب للضمان (٣). وأما إن كان العيب من طريق الأديان فهو على قسمين: إن كان في الخلق كحدة تكون في المرأة أو لين زائِد فيستحب له ذكر ذلك، فإن سكت عنه فليس عليه فيه شيء، وأما إذا كان في الدين فحرام عليه ذكره لأنه إن كان الذي وقع منها عثرة فمقيل العثرات قد سترها والنكاح يعصم منها، وإن كانت منبهرة (٤) فليس يلزم الولي ذكر ذلك لأنه لم ينفرد بعلمه والنكاح قيد وعصمة فإذا أدخلها إلى فيه زال الانبهار.

مسألة: إذا طلَّق الرابعة من أزواجه فله أن يتزوج أختها أو سواها في عدتها إذا لم تكن الرجعة مستحقة في العدة، وقال (ح): لا يجوز ذلك لأن العدة أثر من آثار النكاح وعلقة من علائقه وهي هبوسة لحقه فكانت بمنزلة الرجعية (٥).

قلنا: الرجعية زوجة بدليل بقاء الميرات والنفقة والسكنى، فلذلك حرَّم الله عليه أختها وأربعاً سواها بخلاف مسألتنا، فإنه إذا كان الطلاق بائناً فهي أجنبية منه بدليل إنه لو وطئها لزمه الحدُّ فجاز له نكاح أختها وأربع سواها كما لو انقضت عدتها.

مسألة: روي أن سودة بنت زمعة لما أسنَّت وكبرت وخشيت أن يطلِّقها النبيُّ, - صلى الله عليه وسلم -، آثرت بيومها عائشة، رضي الله عنها، فأقرها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على نكاحها (٦)، وما كان يقسم


(١) انظر المبسوط ٥/ ٩٥ - ٩٨، وبدائع الصنائع ٣/ ١٥٣٧.
(٢) انظر تكملة المجموع ١٦/ ٢٧٥؛ فقد قال في القديم: يرجع عليه وفي الجديد لا يرجع.
(٣) لعله يقصد بذلك بن القاسم. قال أبو الوليد: وأما البرص ففي العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك أترد المرأة من قليل البرص؟ فقال: ما سمعت إلا ما في الحديث وما فرّق بين قليله ولا كثيره. قال ابن القاسم: ترد من قليله ولو أحيط علماً فيما خف منه إنه لا يزيد لم ترد منه ولكن لا يعلم ذلك فترد من قليله. المنتقى ٣/ ٢٧٨.
(٤) انبهر بفلانة، بالضم: شهر بها، ترتيب القاموس ١/ ٣٣٢، النهاية ١/ ١٦٥.
(٥) قال محمَّد: لا يعجبنا أن يتزوج الخامسة وإن بقي طلاق إحداهن حتى تنقضي عدتها. لا يعجبنا أن يكون ماؤه في رحم خمس نسوة حرائر، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا. موطأ محمد ص ١٧٨، وانظر أوجز المسالك ٩/ ٤٥٣.
(٦) متفق عليه. البخاري في النكاح باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها ٧/ ٤٣، ومسلم في الرضاع باب جواز هبتها نوبتها لضرتها ٢/ ١٠٨٥ كلاهما عَنْ عائشة أنْ سوْدةَ بِنْتَ زَمْعَةٍ وَهَبَتْ يَومهَا لِعَائِشةَ وَكَانَ النبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، يُقْسِمُ لِعَائشةَ يَوْمَهَا وَيوْمَ سَودةَ. لفظ البخاري.

<<  <   >  >>