للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: حديث سهل بن سعد في شأن عويمر حسب ما ورد في الموطأ (١).

والثانى: حديث هلال بن أمية حين قذف زوجته بشريك بن السمحاء فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "الْبَيَّنَةُ وإلا حَدٌّ في ظَهْرِكَ (٢) " فنزلت آية اللعان، كذلك روي في الحديثين، ويحتمل أن يكونا وقعا معاً فكانت الآية بياناً لهما، ويحتمل أن يكون أحدهما قبل صاحبه فنزلت الآية في الأول، وقيل في الثاني أيضاً نزلت آية اللعان، أي في مثله. والنزول والبيان في الشيء نزول وبيان في مثله (٣)، والذي نزل هو قول الله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (٤). وفي هذه الآية أمهات (٥) المسائل عشر ثم نزل المخلص منها فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} (٦)


(١) الموطأ ٢/ ٥٦٦. مالِك عَنْ ابن شهَاب أن سَهْلَ بنَ سعد السَّاعديِّ أخبره أن عويمِراً العَجلاَنيّ جَاءَ إلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيّ الأنْصَارِيّ فَقَالَ لَه: يَا عاصِم أرَأيْتَ رَجُلاً وجَد مَعِ امْرَأتهِ رَجُلاً أيَقْتُلة أمْ كَيْفَ يَفْعَل؟ سَلْ يَا عَاصِم عَنْ ذلِكَ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فسألَ عَاصِمُ رَسُولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، عَنْ ذلِكَ فَكرِهْ رَسُول الله، - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَها حَتى كَثُرَ علَى عَاصِمِ مَا سِمِعَ منْ رَسُولِ الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلَما رَجَعَ إلَى أهلِهِ جَاءَه عُويمِرٌ فَقَالَ: يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لكَ رَسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ عَاصِم لِعُويمِرِ: لَمْ تَأتنِي بِخيْر, قَدْ كَرِهَ رَسُول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الْمَسْألَةَ التي سألتُه عَنْهَا ..
وأخرجه البخاري في كتاب الطلاق باب من أجاز طلاق الثلاث ٧/ ٣٧، وفي تفسير سورة النور باب قوله عز وجل {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} ٦/ ٨٢ - ٨٣، ومسلم في اللعان ٢/ ١١٢٩، وشرح السنة ٩/ ٢٥٠ - ٢٥١، وأبو داود ٢/ ٦٧٩، والنسائي ٦/ ١٧٠ - ١٧١.
(٢) البخاري في تفسير سورة النور باب {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} ٦/ ٨٢ - ٨٣.
وفي الشهادات باب إذا ادّعى أو قذف فله أن يلتمس البيِّنة وينطلق لطلب البينة ٣/ ١٥٥، وفي الطلاق باب بدء الرجل بالتلاعن ٧/ ٤٦، وأبو داود ٢/ ٦٨٦، والترمذي ٥/ ٣٣١ وابن ماجه ١/ ٦٨٨ والبيهقي ٧/ ٣٩٣ - ٣٩٤. كلهم من طريق هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس.
(٣) اختلف الأئمة في هذا الموضع فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر، ومنهم من رجع أنها نزلت في شأن هلال، ومنهم من جمع بينهما بأن أوّل من وقع له ذلك هلال وصادف مجيء عويمر أيضاً فنزلت في شأنهما معاً في وقت واحد، وقد جنح إلى هذا النووي وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق كونهما جاءا في وقت واحد. ثم قال: ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول .. وقد جنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين. فتح الباري ٨/ ٤٥٠.
(٤) سورة النور آية ٤.
(٥) في (ك) و (م) زيادة من وهي لازمة.
(٦) سورة النور آية ٦.

<<  <   >  >>