للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، بَيْنَهُما وَالحَقَ الْوَلَدَ بِأمَّهِ) (١) فقطع النسب. وأما سقوط الحد فمجمع عليه لقوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} (٢). وأما تأبيد التحريم فقد اختلف العلماء فيه إذا كذب نفسه وألحق النسب هل تُرجع إليه أم لا؟ والصحيح أنها لا ترجع إليه (٣)، لما روي في ذلك في الأثر (أنهمَا لَا يَتَناَكحَانِ أبَداً) (٤)، والمعنىَ الظاهر في النظر وهو بأن ما جرى بينهما من الريبة يقطع الألفة، ولأنه قذفها برفق فيه درء العذاب عنه، وعوقب بأن لا ترجع إليه، وقد بيَّناها في مسائل الخلاف.

وأما الصداق ففي الحديث الصحيح: أنَّ عُويمِراً قَالَ لِلنبِى - صلى الله عليه وسلم -: (يَا رَسُولَ الله مَالي مَالي، قَالَ لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا لَئِنْ كنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فِرْجِهَا، وإنْ كنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ أبعد لَكَ مِنْهَا) (٥).

الخامس: جاء في اللعان ذكر الشهادة واليمين، واختلف العلماء هل المغلب فيه جهة الأيمان أو المغلب فيه جهة الشهادة؟ فقال أهل العراق منهم (ح): المغلب فيه جهة الشهادة (٦) لقوله: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} (٧)، ولأنه قول على الغير، وهذا هو حد الشهادة، فالإقرار ما أخبر به الرجل عن نفسه، والشهادة ما أخبر به الرجل عن غيره، وقال علماؤنا: المغلّب فيه جهة اليمين (٨)، وقد بيَّنا ذلك في مسائل الخلاف، والدليل


(١) متفق عليه. البخاري في الطلاق باب يلحق الولد بالملاعنة ٧/ ٧٢، ومسلم في اللعان ٢/ ١١٣٢، والموطأ ٢/ ٥٦٧، وأبو داود ٢/ ٦٩٣، والنسائي ٦/ ١٧٨.
(٢) سورة النور آية ٨.
(٣) هذا مذهب الجمهور ومالك والشافعي والثوري وداود وأحمد وجمهور فقهاء الأمصار ضالوا: إنهما لا يجتمعان أبداً وإن أكذب نفسه، وقال أبو حنيفة: إذا أكذب نفسه جُلد الحد وكان خاطبا من الخطاب. بداية المجتهد ٢/ ١٢٠، وانظر شرح فتح القدير ٣/ ٢٥٠ - ٢٥١، اللباب ٣/ ٧٥.
(٤) هذا الأثر رواه أبو داود ٢/ ٦٨٣ من قول (سَهْلِ بْنن سَعْد قَالَ: حَضَرْتُ هذَا عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَمَضَتِ السُّنةِ بعد في الْمتَلاَعِنيَن أنْ يفَرّقَ بَينَهمَا ثم لاَ يَجتَمِعَانِ أبَداً).
درجة الأثر: صحيح من خلال الإسناد.
(٥) متفق عليه. البخاري في الطلاق باب قول الإمام للمتلاعنين إن أحدكما كاذب ٧/ ٧١، ومسلم في اللعان ٢/ ١١٣٠ - ١١٣٢، والشافعي في مسنده ٢/ ٤٩، كلهم من حديث ابن عمر.
(٦) انظر أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٣٠٠، شرح فتح القدير لابن الهمام ٣/ ٢٤٨.
(٧) سورة النور آية ٦.
(٨) انظر المنتقى ٤/ ٧٦، بداية المجتهد ٢/ ١١٨ - ١١٩، أحكام القرآن للشارح ٣/ ١٣٤٧.

<<  <   >  >>