للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك ابن وهب حديثًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في العهدة بثلاثة أيام أو أربعة (١) وهي: أن تكون السلعة بعد قبض المشتري في ضمان البائع حتى تمضي ثلاثة أيام من وقت البيع في كل آفةٍ تطرأ على المبيع ما عدا الجنون والجذام والبرص فإنه يقضى فيها بعهدة السنة (٢).

وعول علماؤنا رحمة الله عليهم على أن هاتين العهدتين إنما يقضى بهما لمن شرطهما أو حيث تكون العادة جارية بهما وقد قال قوم إنما كانت في المدينة لكثرة حُمَّاها والحمى لا تنكشف إلَّا في الرابع وهذا غلط بيّن. فإن الباري تعالى قد نقل الحمى عن المدينة ببركة الصادق - صلى الله عليه وسلم - إلى الجحفة حتى لم يبق لها أثر إلى يومنا هذا مع أنها تحل بين حرتين وهي إحدى معجزاته - صلى الله عليه وسلم - (٣).

القاعدة السادسة: الغش وهو كتم حال المبيع عن المبتاع نعم وعن البائع إذا جهله وقد علمه المبتاع وذلك ممنوع عادًة ممنوع شرعًا فإن جبلة الجنسية تقتضي حكم الاعتياد ألا يرضى أحد لجنسه إلّا بما يرضى به لنفسه، والشريعة قد منعت منه تحقيقًا لهذا الغرض.

مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل يبيع طعامًا مصبرًا فأدخل يده في الصبرة فرأى فيها بللَّا قد أصابته السماء فأخرجه إلى ظاهر الصبرة وقال: (من غشنا فليس منا) (٤) ويدخل فيه بيع


(١) لم أجد الحديث من رواية ابن وهب وورد في مسند أحمد ٤/ ١٥٠ و١٥٢ من حديث قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (عهدة الرقيق أربع ليال قال قتادة وأهل المدينة يقولون ثلاث ليال) والرواية الثانية عند أحمد ليس فيها قول قتادة.
ورواه ابن ماجه عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب فقال فيها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (عهدة الرقيق ثلاثة أيام).
والحديث ضعيف لأن الحسن بن أبي الحسن لم يسمع من سمرة بن جندب كما قال ابن أبى حاتم ولا من عقبة بن عامر قال ابن أبي حاتم لم يصح للحسن سماع سمرة بن جندب ونقل عن علي بن المديني أنه لم يسمع من عقبة بن عامر انظر المراسيل لابن أبي حاتم ص ٤٢ - ٤٣ ت ت ٢/ ٢٦٥ و٢٦٨.
وقال أحمد لم يسمع الحسن من عقبة ولا يثبت في العهدة حديث شرح السنة ٨/ ١٤٩ وضعفه الشيخ ناصر في ضعيف الجامع الصغير ٤/ ٦٠.
وذكر الباجي في المنتقى ٤/ ١٧٣ أن كون العهدة ثلاثة أيام مذهب أهل المدينة والفقهاء السبعة وغيرهم. وقال استدل أصحابنا لما روى قتاده عن الحسن عن عقبة ابن عامر وذكر الحديث.
(٢) قال الباجي هذا مذهب مالك وجماعة أهل المدينة المنتقى ٤/ ١٧٥.
(٣) ورد ذلك من حديث عائشة المتفق عليه وفيه اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم صححها وبارك لنا في مدها وصاعها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة.
البخاري في فضائل المدينة باب الترغيب في سكنى المدينة مختصر المنذري ص ٢٠٤ ومسلم "١٣٧٦".
(٤) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من غشنا فليس منا) (٢١٠١) من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>