للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه أغراض متفاوتة في فهم مواقع ذكر الشروط في الحديث. وقد رأيت لعبد الحميد الصايغ جزء في تحصيل الشروط لكن على المذهب المالكي قد أتقن فيه ترتيب المذهب كنت كتبته بخطي وقرأته لكن شذ في سبيل القدر والذي يحصر الشروط في الأغلب ردها إلى القواعد التي مهدناها وعرضها عليها ولا يخلو وقع الشرط في العقد من أن يكون ملائمًا لمقصود العقد ومقصود العاقد غير مطرق إلى العقد عددًا ولا موقع للمال خسارةً فلا وجه لرده. هذا إذا كان مقصود العقد غير معارضٍ لطريقٍ من طرق الشريعة ومسائل هذا لا تحصر لكن يربط معظمها هذا الأصل الذي أشرنا إليه لعرضها على القواعد التي مهدنا (١) وخذوا من هذا القبس أمثلةً تكشف لكم كيفية عرض الوارد من نظائرها عليها:

المثال الأول: إذا اشترى عبدًا أو جاريةً بشرط العتق قال أبو حنيفة: لا تجوز لأنه شرط شرطًا يناقض مقتضى (٢) العقد لأن العقد يقتضي عقد الملك الدائم والتصرف اللازم على الإطلاق وهذا الشرط يصدمه فيفسده.

وتعلق علماؤنا بحديث بريرة وحديث بريرة صحيح معضل في التأويل ولا عليكم بأس في تأخيره إلى مسائل الخلاف وهناك ينكشف معناه وعولوا على قاعدة المصالح والمفاسد التى مهدناها فلا يخفى على من نظر فيها أن المقاصد في هذا العقد سليمة عن المقاصد خالصةً لله, لأن المشتري يقول إنما أنا أبذل مالي في تحصيل العتق للعبيد لا في تحصيل الملك لي. والبائع يقول إن أزددت في ثمن العبد من مال المشتري فقد أعطاه هو لله وإن حططته فقد تركته لله فغاية المسألة أن هذا عتق اشتري بمالٍ ولا خلاف أن لو قال رجل لآخر أعتق عبدك عني على ألف فقال مالك العبد هو حر نفذ العتق ووجب المال إجماعًا وكذلك الصدقة.

المثال الثانى: إذا اشترى عبدًا من رجل بشرط الهبة له أو لغيره انفرد بها مالك فقال هذا جائز. وقال الشافعي لا يجوز لأنه إنما يحتمل في البيع لحرمة العتق (٣) وما فيه من التقرب إلى الله. قلنا له: وكذلك يحتمل الهبة لما فيها من المعروف والمواصلة وإسداء


= انظر الفتح ٤/ ٣٢٠ وفي الشروط باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز/ الفتح ٥/ ٣١٤ ومسلم في المساقاة رقم (٧١٥).
(١) في م مهدناها.
(٢) انظر اللباب في شرح الكتاب ٢/ ٢٦ - ٢٧ شرح السنة ١٨/ ١٥٣.
(٣) انظر مذهب الشافعى في شرح السنة ٨/ ١٤٨.

<<  <   >  >>