للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الشفعة إنما ثبتت لضرر مؤونة القسمة وذلك يختص بالعقار دون المنقول إذ من المنقول ما لا ينقسم بحال وما ينقسم منه فلا مؤونة فيه وانفرد مالك عن جمهورالعلماء بفرعين:

أحدهما أنه قال الشفعة في الثمار وهي من المنقولات.

وقال سائر العلماء كل منقول لا شفعة فيه كالعروض وهذا قياس جلي وعول مالك على ركنين:

أحدهما أن الثمرة وإن كانت مقطوعة منقولة فإنها بأصلها من العقار نابعة عنها نشأت وفيها بقيت فما دامت متصلة بها فحكمها حكمها أولا ترى إلى الأغصان والأوراق فيها الشفعة متابعة للأصول وهي تنفصل عنها وتنقطع منها.

الركن الثاني وهو أن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أرخص في بيع العرايا واستثناها من الربا لضرر المداخلة وكذلك ضرر المداخلة في الثمرة مثله عند القضاء بالشفعة.

الفرع الثاني قال مالك (١) لا ينقسم من العقار إلا بفساد هيئته وتغير صفته (٢) كالحمام والبئر وذلك لفقه بديع لم يتفطن له سواه وذلك أن الشفعة وضعت كما قلناه دفعاً لضرر مؤونة القسمة والخسارة في تغيير هيئة الحمام والبئر أكثر منها في مؤونة القسمة فكيف يدفع ضرر بأعظم منه وإنما يرفع أعظم الضررين بأهون منه وهذا بين لمن تأمله ولهذا قلنا إن رواية المصريين أقوى ولم يكن في قول الله: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} (٣) متعلق لأنه عموم تخصه قاعدة الضرر والفساد المتفق عليها (٤).


(١) في ت ل وك مالا ينقسم.
(٢) في ك وتغير صفه لاشفعة.
(٣) سورة النساء آية (٧).
(٤) قال القرطبي استدل علماؤنا بهذه الآية في قسمة المتروك على الفرائض إذا كان فيه تغيير على حالة كالحمام والبيت وبيدر الزيتون والدار التي تبطل منافعها بإقرار أهل السهام فيها فقال مالك يقسم ذلك وإن لم يكن نصيب أحدهم ما ينتفع به لقوله تعالى: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} وهو قول ابن كنانة وبه قال الشافعي ونحو قول أبي حنيفة قال أبو حنيفة في الدار الصغيرة بين اثنين فطلب أحدهما القسمة وأبى صاحبه قسمت له وقال ابن أبي ليلى إن كان فيهم من لا ينتفع بما يقسم فلا يقسم وكل قسم يدخل فيه الضرر على أحدهما دون الآخر فإنه لا يقسم وهو قول أبي ثور قال ابن المنذر وهو أصح القولين ورواه ابن القاسم عن مالك فيما ذكر ابن العربي قال ابن القاسم وأنا أرى أن كل ما لا يقسم من الدور والمنازل والحمامات وفي قسمته الضرر ولا ينتفع به إذا قسم أن يباع ولا شفعة فيه لقوله عليه السلام في كل ما لا يقسم ... تفسير القرطبي ٥/ ٤٧ وانظر الكافي ٢/ ٨٥٢ بداية المجتهد ٢/ ٢٥٧.

<<  <   >  >>