للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتاج إلى التسيير وكان ابن أم مكتوم به مستقلاً أولا تري أنه ربما كان يخاف على المدينة عورة ولم يكن ابن أم مكتوم مستقلاً بحماية الحوزة وخليفة الإمام لا بد أن يكون فيه من الاستقلال بحماية الحوزة ولم الشعث عند الاختلاف العام وقد كان ذلك متعذراً في ابن أم مكتوم فدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يثق من ربه بعصمة المدينة على أن يخالف إليها بعده من يريدها بسوء وكان يعلم من أهلها قلة الاختلاف فلأجل ذلك كان استخلافه له وأما إن كان التعذر في السماع من بكم فلم يفهم الحاكم إشارته أو كان من لغة لم يعرف المتكلم بها ولم يكن بد من معبر له فاختلف علماؤنا فمنهم من قال يجزي معبر واحد وبه قال أبو حنيفة ومنهم من قال لا يجزي أقل من اثنين وبه قال الشافعي فإن جعلنا التعبير خبرا فواحد يكفي فيه وإن جعلناه شهادة لم يكلن بد من اثنين والصحيح أنه خبر يجزى فيه واحد إلا أن يشك الحاكم فيزيد حتى يحصل له اليقين (١). قوله (فأقضي له على نحو ما أسمع) دليل على أن الخصوم هم الذين يأتون إليه ولا يمشي القاضي إليهم بإجماع إلا أن تكون نازلة عامة على نفر يخاف منها الاستشراء فيمشي إليهم ويفصل أمرهم كما مشى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم ولم يرسل إليهم ليكون ذلك عنده وهو حديث صحيح لا


(١) هذه المسألة ذكر فيها البخاري قصة زيد بن ثابت معلقة في كتاب الأحكام ٩/ ٩٤ وعقد لها ترجمة هي باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد وقال خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن "يتعلم كتاب اليهود حتى كتبت للنبى - صلى الله عليه وسلم - كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه".
قال الحافظ وهذا التعليق من الأحاديث التي لم يخرجها البخاري إلا معلقة وقد وصله مطولاً في كتاب التاريخ عن إسماعيل بن أبى أويس حدثنى عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن زيد أتى بي النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدمه من المدينة وأعجب بي فقيل هذا غلام من بني النجار قد قرأ فيما أنزل الله عليك بضع عشر سورة فاستقرأنى فقرأت {ق} فقال "تعلم كتاب يهود فإني ما آمن يهود على كتابى فتعلمته في نصف شهر حتى كتبت له إلى يهود وأقرأ له إذا كتبوا إليه" وأخرجه أبو داود (٣٦٤٥) والترمذي (٢٧١٦) وقال حسن صحيح.
قال الحافظ: يشير (أي البخاري) إلى الاختلاف في ذلك فالاكتفاء بالواحد قول الحنفية ورواية عن أحمد واختارها البخاري وابن المنذر وطائفة وقال الشافعي وهي الرواية الراجحة عند الحنابلة إذا لم يعرف الحاكم لسان الخصم لم يقبل فيه إلا عدلين لأنه نقل ما خفي على الحاكم إليه فيما يتعلق بالحكومة فيشترط فيه العدل كالشهادة ولأنه أخبر الحاكم بما لم يفهمه فكان كنقل الإقرار إليه في غير مجلسه ... ثم نقل عن ابن بطال قوله أجاز الأكثر ترجمة واحد وقال محمد بن الحسن لا بد من رجلين أو رجل وامرأتين وقال الشافعي هو كالبينة وعن مالك روايتان. فتح الباري ١٣/ ١٨٧ - ١٨٨.

<<  <   >  >>