للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الرهن مركوب ومحلوب يركب بنفقته ويحلب بنفقته) (١) وهذا الحديث الذي أرسله مالك عن سعيد بن المسيب لاتفاق الفقهاء على القول به وإن اختلف في ذلك علماء الحديث وقد زاد الدارقطني في حديث سعيد وأسنده فقال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يغلق الرهن من راهنه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه) (٢) وهذا يعارضه حديث البخاري بقوله: (الرهن محلوب ومركوب بنفقته) وقد اتفقت العلماء على أن منافع المرهون للراهن ليس للمرتهن فيها حق وإنما له حق الحبس والتوثق فأما منافعه فقال أبو حنيفة قولًا غريباً لا يشبه فطنته تبقى منافع الرهن عطلًا لا سبيل للمرتهن إليها لأنها ليست له ولا سبيل للراهن إليها لأن الرهن قد خزل عن يده وقال الشافعي يستوفي الراهن عند نفسه منافع الرهن لأن الرهن قد صح ولزم بالفبض الأول فلا يحتاج إلى الاستدامة فأما قول أبي حنيفة فخالف الحديث والأصول والنظر أما الحديث فمن ثلاثة أوحه:

أحدها: وهي القاعدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال.

وأما الثاني: فما روى البخاري من أن الرهن محلوب ومركوب وهذا يناقض قوله إن الرهن عطل.

وأما الحديث الثالث: فهو قوله (له غنمه وعليه غرمه) وأما الأصول فكل مالك أحق بملكه وكل ذي حق لا يحال بينه وبين حقه في مسائل الشريعة كلها وأما النظر فليس من المصلحة للخلق ولا من شكر نعم الخالق أن تترك النعم سدى حتى تقوى (٣) وأما قول الشافعي إن الرهن يرجع إلى صاحبه ففي ذلك إبطال لحق المرتهن أو تغرير به أو تعريضه للآفات وذلك لا يجوز والصحيح ما قاله مالك من أن المنافع تبقى في يد المرتهن مع الأصل


= عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يغلق الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه) وصححه ابن حبان (١١٢٣) والحاكم وابن عبد البر وعبد الحق وحسنه الدارقطني وقوله: (له غنمه وعليه غرمه) قال أبو داود في المراسيل هو من كلام سعيد نقله عنه الزهري وقال وهذا هو الصحيح، وقال الزيلعي في نصب الراية ٤/ ٣٢٠ ويؤيده ما رواه عبد الرزاق في مصنفه (١٥٠٣٣) أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يغلق الرهن ممن رهنه) قلت للزهري أرأيت قول الرجل لا يغلق الرهن أهو الرجل يقول إن لم آتك بمالك فالرهن لك قال: نعم، قال معمر ثم بلغني عنه أنه قال إن هلك لم يذهب حق هذا إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه.
(١) البخاري في الرهن باب الرهن مركوب ومحلوب ٣/ ١٨٧ من حديث أبي هريرة.
(٢) تقدم تخريجه وتحسين الدارقطني له.
(٣) كذا في جميع النسخ تقوى وليست العبارة واضحة لي.

<<  <   >  >>