للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكماً، كما أخرجه الأب النطفة إلى الوجود حسًّا، فإنَّ العبدَ كان معدوماً في حق الأحكام شرعاً، لا يشهد، ولا يقضي، ولا يؤم، ولا يلي، ولا يحج، ولا يعطى، عبدًا مملوكاً لا يقدرُ على شيء، فأخرجه الله تعالى بالحرية على يدي سيده عن عدم هذه الأحكام إلى وجودها كما أخرجه على يدي أبيها بالنطفة إلى الوجود الحسي والكل لله خلقاً وحُكمًا وله الحكمة في هذا النسب والإضافات ولما أثبته لحمة كلحمة النسب وأجراه مجرى البعضية ناطه بالعتقِ خاصة فقال إنما الولاء لمن أعتقَ في حديث بريرة الصحيَح (١) ومكنه في مرتبة النسب، فنهى عن بيع الولاء وعن هبته في حديث ابن عمر، وزعم أبو حنيفة أن الولاء يكون بالموالاة، وأن رجلين لو تعاقدا على أن يتواليا حتى يكونا أخوين في الميراث والعقل لجاز ذلك لهما ويجري حكمها عليهما لقولِ الله تعالى: (ولكلٍ جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) (٢) إلى قوله تعالى: (فأتوهم نصيبهم) وقد تكلمنا على هذه الآية في كتاب الأحكام وبيَّنا أنها منسوخة (٣) وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم الولاء بالعتق بكلمة إنما نفياً وإثباتاً، وكلمة إنما موضوعة لتحقيق المتصلِ وتمحيق المنفصل وقد بيَّنا اقتضاءها للحصر في مسائلِ الخلافِ وتقدم القول في المنبوذ وأن وليه المسلمون وأما جرّ الولاء فأجمعت عليه الصحابة رضوانِ الله عليهم عن بكرة أبيهم وما يحكى عن خلاف رافع بن خديج فيه


= وقال عنه في الميزان ٣/ ٥١٣ كان من بحور العلم والفقه قويًا في مالك.
ويقول عن يعقوب بن إبراهيم القاضي قال الفلاس صدوق كثير الغلط وقال البخاري تركوه وقال المزني أبو يوسف أتبع القوم للحديث وقال عمرو الناقد كان صاحب سنة وقال أبو حاتم يكتب حديثه. المغني ٢/ ٧٥٧.
وقال ابن عدي ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثًا منه إلا أنه يروي عن الضعفاء الكثير مثل الحسن بن عمارة وغيره وهو كثيرًا ما يخالف أصحابه ويتبع أهل الأثر إذا وجد فيه خبرًا مسنداً وإذا روي عنه ثقة ويروي هو عن ثقة فلا بأس به وبروايته الكامل رقم (٢٦٠٢) وانظر الميزان ٤/ ٤٤٧ وعزاه الحافظ إلى الطبري في تهذيبه وأبي نعيم في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن أبي أوفى وقال وظاهر إسناده الصحة ويعكر على البيهقي حيث قال عقب حديث أبي يوسف يروي بأسانيد كلها ضعيفة .. التلخيص ٤/ ٢١٤ وصححه الشيخ ناصر في صحيح الجامع الصغير ٦/ ١١٧ وفي إرواء الغليل ٦/ ١٠٩.
(١) متفق عليه أخرجه البخاري في البيوع باب إذا اشترط شرطًا في البيع لا يحل ٣/ ٩٥ ومسلم في كتاب العتق باب إنما الولاء لمن أعتق رقم (١٥٠٤) حديث (٦) والموطأ ٢/ ٧٨٠ من حديث عائشة.
(٢) سورة النساء آية ٣٣.
(٣) انظر أحكام القرآن له ص ٤١٣ وانظر أحكام القرآن للجصاص الحنفي ٢/ ١٨٦ فقد نقل مذاهب العلماء في المسألة وعقب على ذلك بترجيح مذهبه.

<<  <   >  >>