للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسألة الخامسة عشر: قال علماؤنا روى أبو داود والنسائي: ان عقل الجنين خمسمائِة شاةٍ (١) والحديث لم يصح وإنما الصحيح حديثِ الغرة والتقدير فعل الصحابة وقال ربيعة عقلُ الجنين للأم (٢) وقال ابن هُرمز للأبوين (٣)، وتعلقَ ربيعة بإنه كعضوِ من أعضائها، فوجبَ أن يكون عقله لها، ولو كانَ يجري مجرى عضوٍ من أعضائها لاعتبر من قيمة ديتها كسائرِ الأعضاء.

المسألة السادسة عشر: ذكرَ مالك في مسائلِ القودِ أنَّ الرجلَ إذا ضرب رجلاً بعصا أو بحجر عمداً فماتَ أن فيهِ القصاص (٤)، ولقب هذه المسألة القتل بالمثقل وهي مسألة ركيكة لأبي حنيفة (٥) تعلقَ فيها علماء العراقِ بالحديث المشهور، إلاَّ إن في قتلِ السوطِ والعصا مائة من الإبل، الحديث المذكور، فإذا رماه بخشبةٍ فإنها جملة مجموعة من أجزاء لو انفرد كل جزء منها لم يجب فيه قصاص، فإذا اجتمعت كانَ حالها في الانفراد شبهة عندَ اجتماعها في إسقاط ما يسقط بالشبهات. قلنا: الجوابُ عن هذا أبينُ من إِطنابٍ فيهِ. أترجو أن تلفقَ لهذا الباطل دليلًا؟ ما محاولة هذا إلاَّ كما قال الشاعر:

تَدسُّ إلى العطارِ سلعةَ بيتها ... وهل يصلح العطار ما أفسدَ الدهر (٦)؟.

وإذا أخذَ الرجل حجراً من أرباع وصبَّه على رأسِ رجل إن كانَ بهذا عمد خطأ، فالضرب بالسيف خطأ محض، ولهذا قال علماؤنا إن هذا المذهب هدم لقاعدة القصَاصِ ويمكن الأعداء من الأعداء.


(١) رواه أبو داود (٤٥٧٨) من طريق عبد الله بن بريدة عن أبيه أن امرأة خذفت امرأة فأسقطت فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل في ولدها خمسمائة شاة ونهى يومئذ عن الخذف قال أبو داود كذا الحديث خمسمائة شاة والصواب مائة شاة ورواه النسائي ٨/ ٤٧ مرسلاً وموصولًا.
(٢) قال ابن رشد وقال ربيعة والليث هي للأم خاصة وذلك أنهم شبهوا جنينها بعضو من أعضائها. بداية المجتهد ٢/ ٤١٦ وانظر المغني ٨/ ٤٠٨.
(٣) لم أطلع على هذا القول.
(٤) الموطّأ ٢/ ٨٧٢ قال مالك "والأمر المجمع عليه النبي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر أو ضربه عمداً فمات من ذلك فإن ذلك هو العمد وفيه القصاص".
قال الباجي مذهب مالك رحمه الله أن من قتل حرًّا بآلة يقتل بمثلها أو قصد القتل وجب عليه القود سواء شدخه بحجر أو عصا أو أغرقه في الماء أحرقه بالنار أو خنقه أو دفعه أو طين عليه بناء وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسن المنتقى ٧/ ١١٨.
(٥) انظر اللباب ٣/ ١٤٢ مجمع الأنهر ٢/ ٦١٥ شرح السنة ١٠/ ١٦٤ المنتقى ٧/ ١٨.
(٦) البيت لم أطلع عليه.

<<  <   >  >>