للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسائله ويذكر في بعض المسائل خمسين قولا منسوبة لقائلها (١) اعتمد فيه بالدرجة الأولى المدونة، وأورد كثيرا من أقوال ابن الحاجب وشارحه شيخه ابن عبد السلام وبقية أقوال أهل المذهب منسوبة لأصحابها، ومشفوعة بمناقشات وتكميلات وتوضيحات، قال ابن عقاب متحدثا عن هذا المختصر «مختصره الفقهي لم يسبق به في تهذيبه وجمعه وأبحاثه الرشيقة، وحدوده الأنيقة» وقال فيه العلامة المرحوم الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: «بحث فيه الأنظار المهجورة والأقوال المتروكة منذ القرن السادس، ووضعها بين الأقوال المصطلح بين الفقهاء على الأخذ بها تشهيرا وترجيحا واختيارا على بساط واحد من النقد والتحقيق والمقارنة والاستدلال والكشف عما ارتبطت به تلك الأقوال من اعتبارات باقية وزائلة، وما ارتبط بها اختيارها وتشهيرها من اعتبار لظروف واقعية أو اعمال لأصول نظرية قد يكون وجه ذلك الاختبار قائما ومقبولا وقد يكون زائلا ومحل نظر».

واعتنى ابن عرفة بضبط حدود الحقائق الفقهية في مختصره، شرح هذه الحدود تلميذه الرصاع، ومن المعلوم أن الفقه والنحو وغيرهما يصعب وضع حدود لهما جامعة مانعة، ولذلك تكثر الإيرادات والاعتراضات على حدودها بينما يكفي فيها الرسم المقرب للحقيقة إلى الأذهان، لكن التشبث الحرفي بمنطق أرسطو على ما فيه من خلل دعا الكثيرين إلى التقيد بقواعده، ويظنون أنهم بذلك يسدون خدمة جلّى للعلم، بينما هو في الواقع افساد للعلم وضياع للوقت فيما لا يجدي ولا نفع وراءه، ماذا ينتفع المتتبع الذي يكد ذهنه لمعرفة الحدود، وما عليها من إيراد واعتراض. لا شيء. ولا يكتسب بها معرفة جديدة تنمي عقله، وتقوّم فكره، وقد كنت منذ عهد الطلب أكره هذه المباحث إلاّ ما تدعو إليه الحاجة الملحة، وكان الجو السائد أن الإحاطة بمثل هذا هو من الأشياء اللازمة، سمعت مرة مدرسا يتحدث عن الوقت الذي


(١) فهرس الفهارس ٢/ ٤٤٦ - ٧ في ترجمة يحيى الشاوي، وذكر انه في ستة أسفار كبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>