الفنون إلا في السياسة وعلم الحديث فإنه ضعيف فيهما ولا يعرف من أصولهما شيئا يعتد به.
ولم يكن يحسن الظن بالشيخ محمد مخلوف المنستيري مؤلف شجرة النور الزكية، ويتشبث بحكاية ذكرها في كتابه تدل على قبوريته وعقليته القابلة لتصديق الخرافات، وكنت أبين له أن هذا يجافي الانصاف لأن كتابه ليس خاليا من أية قيمة علمية، ومثل هذه الحكاية لا تسلب الكتاب مزاياه الأخرى العديدة وإن كان عليه مآخذ أخرى في المنهج وميله إلى السجع في كتابته والانصاف يدعو إلى ذكر ماله وما عليه، ولا تكون حكاية عابرة أو زلقة سالبة له من كل قيمة، فكان يصر على رأيه قائلا: هذا رأيي فيه ويورد حكايات على أنه فقيه غير مجيد لما يتعاطاه من تراجم وتاريخ، وإنه يحسن النقل من الكتب بأمانة، ولا فكرة نقدية أو تحليلية عنده وأثنيت له على سعة اطلاعه وتراجم المتأخرين من التونسيين وذكرت له أن عنايته بالتاريخ وتراجم التونسيين تدعوانه إلى مراجعة الكتاب اتباعا لمنهج العمل في الاستقصاء، وإذا كان له خطأ أو مأخذ يقع تبيينه، فكان يجيب أنه لا يضيع وقته في تتبع كتاب لا قيمة له في نظره وانه لا يملكه ولا يطالعه، ومع ذلك فقد طلب مني ذات مرة تراجم بعض رجال من الساحل لا توجد إلا فيه، وأشعرته بالاستمداد منه والاقتصار عليه.
توفي رحمه الله يوم الاحد في ٥ شعبان ١٣٩٨/ ٣٠ جويلية ١٩٧٨ بعد إجراء عملية جراحية.
[مؤلفاته]
١) تاريخ الأدب التونسي، حاول فيه دراسة العوامل والتيارات الكبرى التي أثرت فيه والترجمة لاعلام رجاله، في مجلد مخطوط.