رحل إلى مصر فنزل البرلس عند عالمه الشهاب بن الأقيطع، وحفظ القرآن، والرسالة، والمختصر وألفية بن مالك في النحو وتلخيص المفتاح للخطيب القزويني في البلاغة ولم يكمله، والمصباح للبيضاوي، ولازمه في الفقه، والأصليين، والفرائض، والعربية والحساب، والمعاني والبيان، وغيرها. وتميز، ثم قدم القاهرة فقرأ على السنهوري الفقه، والأصول، والعربية، وأخذ عن ابن قاسم العربية وغيرها، وتردد على الجوجري، والأبناسي، وغيرهما، وقرأ على السخاوي الكثير من ألفية العراقي في مصطلح الحديث وغيرها، وسمع منه وعليه أشياء كثيرة، وأكثر من حضور الأمالي، ثم حج واستقرّ أشهرا وزار بيت المقدس، ثم رجع إلى مصر فأقمام بالإسكندرية يسيرا، وتزوج من تروجة، وصار يتردد بينهما مع احتراف الخياطة، وربما أقرأ بعض الطلبة، قال السخاوي في نعته: وكان عاقلا ساكنا ديّنا قانعا عفيفا ريضا مشاركا في الفضائل. مات بالإسكندرية في أواخر شعبان أو أوائل رمضان عن أزيد من أربعين سنة
شرح قطعة من مختصر ابن عرفة في الفرائض.
[المصدر]
- الضوء اللامع ٨/ ١١٧.
* * *
[١٠٧ - التونسي (١٢٠٤ - ١٢٧٤ هـ)(١٧٩٠ - ١٨٥٧ م)]
محمد بن عمر بن سليمان التونسي، نزيل القاهرة، اللغوي، المشارك في بعض العلوم، الرحّالة. كان والده مجاورا في الأزهر، فتزوج بمصر، ولد ابنه المترجم له في تونس وعكف على تحصيل العلم ونبغ فيه حتى تمكن أن يكون واعظا في خدمة إبراهيم باشا في حملته إلى المورة وقبل ذلك سافر إلى بلاد السودان ورأى فيها من العجائب ما أدهشه.
ولما عاد من تلك الحملة كان قد أنشئت مدرسة أبي زعبل، وأخذوا في نقل كتب الطب وغيرها، فتعيّن مصححا للكتب فيها. وأخذت مواهبه تظهر في التحرير والتصحيح، وامتاز عن سائر أقرانه المصححين بمعرفة المصطلحات العلمية باللغة العربية، فكانوا يرجعون إليه في تحقيقها ويسمونه «مصحح كتب الطب ومحرّرها» فكانوا إذا نقلوا كتابا في أوائل إنشاء المدرسة الطبية يرون مشقة في إيجاد الألفاظ الوضعية العربية الملائمة للألفاظ الإفرنجية الموجودة في الكتاب