للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتمشى مع تنقل الحوار وتسلسل الأحداث والمعاني فتتواصل فيه الأبيات لأنها جملة واحدة حتى يكثر فيها التضمين وربما يتعاصى عليه اتحاد الميزان الشعري مع ما يريد من جزالة وسهولة في التركيب فيتغلب على ذلك بزحاف أو خبن، وكثيرا ما يقع بسبب ذلك في إهمال القواعد النحوية فيلحن لحنا فاحشا، على أنه شاعر الحكمة السامية وصاحب الخيال البديع، حقيق بشعره أن يحتل منزلة الاعتبار في مقاييس الآداب العالمية إلا أنه قليل التفنن منسوج على منوال واحد».

آثرنا نقل كلام الشيخ الفاضل بن عاشور على طوله لأنه فيه تحليل واف لخصائص شعر آغة ومميزاته غير أننا نلاحظ فيما يخص النظر الفلسفي في شعره أنه كان منعزلا عن المجتمع منطويا على نفسه فنمت عنده ملكة التأمل العقلي، وأودع شعره هذه التأملات العقلية وهي ليست بنظر فلسفي إلا على ضرب من التجوز. وهو لا يعرف الفلسفة ولا يتقيد بمذهب من مذاهبها ولا بأصولها. على أن هذه التأملات العقلية، وما يسري في أوصال شعره من حوار وقصص جعلته من المجددين في ذلك العصر ولفتت إليه الأنظار بالتقدير أحيانا وبالسخرية والدعابة أحيانا أخرى، فإن الأديب محمد الصالح المهيدي تندر عليه في جريدة «النديم» فإنه دعا التونسيين إلى الاستخفاف بما يكتبه هذا الشاعر من آراء وأفكار والضحك منها. ولو كان لشعره جلال النظر الفلسفي وعمقه لما تجاسر مثل المرحوم محمد الصالح المهيدي على الدعوة إلى الاستخفاف بشعره والضحك منه.

ومن الملاحظ أن الخلاف الحزبي بينه وبين الشاذلي خزنة دار لم يحل دون ربط علاقات صداقة بينهما، فكان المترجم له يتصل به في محل سكناه ب‍ «منوبة» ويقضي معه الأيام والأسابيع في المراجعة والمذاكرة. وأهم ما تعلمه من خزنة دار أوزان الشعر والعروض والقوافي، وكان متخصصا فيها. وكان من الولوعين بشعر خزنة دار ومن المهتمين بتراثه الفكري.

والمترجم له ساهم في النشاطات الفكرية الاجتماعية والثقافية ابتداء من النادي التونسي بنهج الكومسيون إلى جمعية الآداب التمثيلية، إلى جوق التمثيل العربي الذي تأسس سنة ١٩٢١ واختير ضمن هيئته المسيرة، إلى الاتحاد المسرحي الذي عيّنه سنة ١٩٣٧ في لجنة فحص الروايات، إلى نشاطه في الجمعية الرشيدية التي تأسست سنة ١٩٣٤ وكلّفه رئيسها المؤسس لها السيد مصطفى صفر برئاسة لجنتها الأدبية التي اضطلعت بدور هام في ميدان تأليف الأغاني وانتقاء ألفاظها وتطهيرها من المعاني المبتذلة ونوازع الانحلال، وألف كثيرا من الأغاني ومن أشهرها قصيدته «هجر الحبيب» كما أنه غذى الإذاعة بمجموعة من أحاديثه الأدبية.

[آثاره]

١ - ديوان شعر طبع بالمطبعة التونسية سنة ١٣٣٩/ ١٩٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>