محمود بن محمد ابن الحاج محمد السيالة الصفاقسي «أحد عدول تونس وأعمالها، ومن علماء صفاقس وحكمائها، الشاذلي، القادري «هكذا عرف بنفسه في بعض رسائله، وهو من أحفاد الشيخ علي الأومي للبنت، ولا نعلم من شيوخه الذين تلقى عنهم ببلدة صفاقس سوى الشيخ المؤرخ محمود بن سعيد مقديش وابنه العالم الرياضي محمود مقديش حينما كان مدرسا بصفاقس قبل أن ينتقل إلى تونس، ويحترف التجارة، ويتصل بالوزير أبي المحاسن يوسف صاحب الطابع الذي عينه وكيلا على عشر الزيت وشرائه للدولة، ونالته محنة على يد الوزير شاكير صاحب الطابع، فهاجر إلى المشرق، وتوفي بجدة سنة ١٢٥٠/ ١٨٣٥، وقد قرأ عليه الرياضيات والمنطق وعلم الكلام.
هذا غاية ما استطعت أن أجده عن حياته العلمية بصفاقس، ويستروح من رسالة له خاطب بها القاضي المالكي بالحاضرة تشكى أثناءها من بعض خصومه أنه تلقى العلم عن شيوخ جامع الزيتونة بتونس حيث قال فيها: «ثم بلغني أنه يبحث عن أصلي وعلمي، ويبحث عن فرعي وفهمي، فأخبروه بأصلي وعرفوه بنسلي، وقولوا له: قد انتشأ أصله ندرا لجوهر، وحلى بالياقوت والكوثر، ومعارفه في العلوم لا تخفى، ونظامه ونثره لا يجفى، قد روى روايات العطر والزبد، وله اجازات في العلوم من الاكابر بالسند»، وأكابر العلماء موجودون بتونس إذ ذاك، وبهذا يصح له الافتخار، ولو اقتصر في التلمذة على علماء بلده لم يصح له الافتخار، ولا اقناع خصمه بمكانته العلمية.