محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب التميمي أبو العباس، من بيت إمارة بني الأغلب، أمراء القيروان، وكان أبوه زيادة الله قد ولي إمارة افريقية بعد أخيه أبي إبراهيم أحمد بن محمد، وكان محمود السيرة، ذا رأي ونجدة. قال عن هذا الأمير الأب القاضي سليمان بن عمران:«ما ولي لبني الأغلب أعقل من زيادة الله الأصغر».سمّاه الأصغر لأنه سمي باسم عم أبيه زيادة الله بن إبراهيم.
وورث عنه ابنه محمد خلال الخير وحسن السلوك، ولاه ابن عمه إبراهيم الثاني بن أحمد بن محمد بن الأغلب طرابلس، فكان يشق عليه حسن سيرته ويكره ذلك لأن إبراهيم الثاني كان سكيرا ماجنا جريئا على سفك الدماء، ولم يزل إبراهيم الثاني يحقد على محمد هذا ما يؤثر عنه من جميل إلى أن قتله. والسبب الذي دعاه إلى قتله، مع قدم حسده له، ثناء الخليفة المعتضد العباسي عليه، وترشيحه للإمارة بدلا من إبراهيم. فقد روي أن إبراهيم الثاني وجّه رسولا إلى بغداد، فكتب إليه يخبره أن بعض من سار إلى بغداد من أهل مدينة تونس شكوا إلى المعتضد صنع إبراهيم، فقال المعتضد:«عجبا من إبراهيم ما يبلغنا عنه إلا سوء الثناء عليه، وعامله على طرابلس يبلغنا عنه خلاف ذلك من رفق بمن ولي عليه وإحسان».
ونقل عن إبراهيم الرقيق أن المعتضد كتب إلى إبراهيم:«إن لم تترك أخلاقك في سفك الدماء فأسلم البلاد إلى ابن عمك محمد بن زيادة الله صاحب طرابلس».
فثار إبراهيم وهاج وفكر في التخلص منه فخرج إلى طرابلس خفية وتظاهر بأنه يريد الخروج إلى مصر حيلة منه إلى أن ظفر به فقتله وصلبه بغيا وحسدا، وقتل أولاده، وعاث في أصاغره عيثه المشهور حتى أنه شق جوف بعض نسائه عن جنينها وكان بين خروجه ورجوعه خمسة عشر يوما.
والمترجم له كان عالما خطيبا أديبا ظريفا شاعرا حسن السيرة، مع عشرة لإخوانه، ولين جانب لأخدانه، لا ينادم إلا أهل الأدب.
ومن شعره [طويل]:
ومما شجا قلبي بتوزر أنني ... تناءيت عن دار الأحبة والقصر
غريبا، فليت الله لم يخلق النوى ... ولم يجر بين بيننا آخر الدهر