وبعد استكمال تحصيله بقي مقيما بتونس ودرس بها وأخذ عنه جماعة من الأعلام كالقاضي عمر القلشاني، وابن ناجي، وعبد الرحمن الثعالبي الجزائري.
وكان فقيها نظارا مشاركا في عدة علوم، قال عنه معاصره الحافظ ابن حجر: «عصرينا بالمغرب محمد بن خلف (كذا) الأبّي الأصولي، عالم المغرب بالمعقول».
وكان مع وفور عقله وجودة فهمه يحكى عنه من سلامة الفطرة ما يخرجه إلى حد الغفلة.
تولى التدريس مدة بتونس، ثم ولي قضاء الجزيرة القبلية سنة ٨٠٨/ ١٤٠٦ في عهد السلطان أبي فارس عبد العزيز بن أحمد الحفصي.
[مؤلفاته]
١ - إكمال الإكمال، وإكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض، والمعلم بفوائد مسلم للإمام المازري، والأبّي جعل كتابه تكملة لما فات القاضي عياض في شرحه «إكمال المعلم» ولهذا سمى الأبّي شرحه «إكمال إكمال المعلم» وهو شرح نفيس على صحيح مسلم، ضمنه كثيرا من الفوائد والتحقيقات مع زيادات على الشروح المتقدمة عليه وذكر في خطبته أنه ضمنه كتب شراحه الأربعة المازري وعياض والقرطبي والنووي مع زيادات مكملة وتنبيهات ورمز «بالميم» للمازري و «العين» لعياض و «الطاء» للقرطبي و «الدال» لمحيي الدين النووي ولورود أسماء هؤلاء الشارحين كثيرا في شرحه وأشار بلفظ الشيخ لشيخه الإمام ابن عرفة، ونقل عن شيخه ابن عرفة أنه قال:«ما يشق عليّ شيء في الفهم كما يشق عليّ كلام عياض في بعض مواضع من الإكمال» فأزال تلك الصعوبات.
قال الشيخ صالح بن مهنا القسنطيني (١): «وشرحه يغني عن شروحهم الأربعة ولا تغني عن شرحه لما فيه من الأبحاث الرائقة، والتحقيقات الفائقة، يعلم ذلك من أطّلع عليه وكان من أهله وهو خزانة علم ينفق منه الفقير كيف يشاء من نحو وتصريف وأصول وفروع وكلام ومصطلح وميزان (منطق) وتاريخ ومعان وبيان وحقائق وإشارات ومناقب ورقائق ومواعظ وقواعد إلى غير ذلك».
وقد أهمل الأبّي شرح مقدمة صحيح مسلم حتى قال الشيخ محمد بن محمد بن يوسف السنوسي في شرحه المكمل لشرح الأبّي المسمى «مكمل إكمال الإكمال»: «رحم الله الشيخ الأبّي ونفع به لقد كان من حقه أن يعتني بشرح المقدمة التي احتوت على علوم ومشكل أسماء ولغات تحتاج إلى ضبط وشرح أكثر من اعتنائه بشرح التراجم لأنها ليست من وضع مسلم
(١) في طرره على رحلة الوتيلاني (ط حجرية، تونس ١٣٢١ هـ) ٣/ ٢١٦ - ٢١٧.