عبد الحميد بن محمد المقرئ المعروف بابن الصائغ، القيرواني ثم السوسي، سكن سوسة بعد خراب القيروان.
كان فقيها محققا، أصوليا نظارا قوي العارضة.
أدرك صغيرا أبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا عمران الفاسي، وتفقه بأبي حفص العطار، وابن محرز وأبي إسحاق التونسي، وأبي الطيب الكندي، والسيوري، وغيرهم، ورحل حاجا فسمع بمكة أبا ذر الهروي.
وبه تفقه الإمام المازري، وأبو علي حسان البربري، وغيرهما. وأخذ عنه من أهل الأندلس أبو بكر بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عطية والد المفسر عبد الحق حين مروره بالمهدية روى عنه المدونة سنة ٤٧٩ (فهرس ابن عطية ص ٤٣).
وأصحابه يفضلونه على قرينه أبي الحسن اللخمي تفضيلا كثيرا.
لما أراد تميم بن المعز الزيري الصنهاجي أمير المهدية تولية أبي الفضل بن شعلان قضاء المهدية شرط عليه تولية ابن الصائغ الفتيا فأجابه إلى ذلك وجلبه إلى المهدية، ودارت عليه فتواها، وذلك أن ابن شعلان لا يرى استفتاء أحد من أهل المهدية لأمور يتهمهم بها.
ولما ثار أهل سوسة على تميم بن المعز قبض على جماعة منهم ولد صاحب الترجمة فضربه وأغرمه ستمائة دينار، فباع صاحب الترجمة كتبه، وكانت هذه الحادثة سبب انقباضه عن الفتوى، ولقيه بعد ذلك تميم بن المعز فاعتذر إليه فلم ينفعه، ولزم داره منقبضا لا يجالس أحدا، ثم تحيل في