محمد بن عثمان الحشائشي الشريف التونسي، المؤرخ، الرحالة، الأديب الشاعر ولد بتونس في ٢٦ رمضان ١٢٧١/ ١٢ جويليه ١٨٥٥، ونشأ في بيت علمي قديم، فجده الحاج محمد ابن الحاج قاسم تولى قضاء الفريضة (تحرير المواريث، وتقدير النفقات) في عهد حمودة باشا الحسيني، ووالده من شيوخ جامع الزيتونة ومتوظف بالديوان الشرعي.
وقد وجهه والده نحو التعليم حسب الطريقة المتبعة في ذلك العصر، فبعد استظهاره للقرآن الكريم دخل جامع الزيتونة وقرأ به على اعلامه كأحمد الورتاني الذي لازمه كثيرا، وسالم بو حاجب، وعمر بن الشيخ، ومحمد بيرم الخامس، ومحمود بن الخوجة، وغيرهم إلى أن أحرز على شهادة التطويع، وانتصب بعدها متطوعا بالتدريس والإفادة بجامع الزيتونة، وتولى خطة العدالة (التوثيق) في سنة ١٢٩٣/ ١٨٧٦.
كان قوي الذاكرة، واسع الحفظ، غزير الاطلاع، وكان محبا للترحال فجال في داخل البلاد متنقلا بين المدن والقرى والبوادي، وقد اكتسب من هذا التجول خبرة بالعادات والتقاليد وفنون الفلكلور، ولأجل هذه الخبرة ومعرفته الجيدة بالمخطوطات قصده مواطنوه والمستشرقون للاستفادة منه، ونشر انتاجه شعرا ونثرا في الصحف، وكان يميل إلى الدعابة والفكاهة.
وفي خلال سنة ١٣١٣/ ١٨٩٦ رحل إلى ليبيا باقتراح من السياسي الفرنسي الثري المستكشف المركيز دي موراس Marquis de Mores ودامت الرحلة ما يقرب من سنة، ويبدو أن المركيز انفق على هذه الرحلة لأن