عبد الله الترجمان واسمه الأصلي أنسلم ترمودا (Anselmo di Turmeda) قسيس إسباني من مدينة ميورقة بالجزر الشرقية المعروفة بالباليار هاجر إلى تونس وأسلم في عهد السلطان أبي العباس أحمد ابن المستنصر الحفصي، وقيل إنه تظاهر بالإسلام وبقي على عقيدته.
ذكر في كتابه «تحفة الأريب» لمحة عن نشأته وهجرته إلى تونس فقال في (الفصل الأول منه) «اعلموا - رحمكم الله - أن أصلي من مدينة ميورقة - أعادها الله تعالى للإسلام - وهي مدينة كبيرة على البحر بين جبلين، يشقها واد صغيره وهي مدينة متجر ولها مرسيان اثنان ترسي بها السفن الكبيرة في المتاجر الجليلة، والمدينة تسمى باسم جزيرة ميورقة، وأكثر غلاتها زيتون وتين ويحمل منها في خصابة زيتونها أزيد من عشرين ألف بتيان لبلاد مصر والإسكندرية، وبجزيرة ميورقة المذكورة أزيد من مائة وعشرين حصنا مسورة عامرة.
وكان والدي محسوبا من أهل الحاضرة في ميورقة، ولم يكن له ولد غيري، ولما بلغت ست سنين من عمري سلمني إلى معلم من القسيسين، فقرأت عليه الإنجيل حتى حفظت أكثر من شطره في مدة سنتين، أخذت في تعلم لغة الإنجيل وعلم المنطق في مدة سنتين، ثم ارتحلت من بلدتي إلى مدينة لاردة من أرض القطلان، وهي مدينة علم عند النصارى في ذلك القطر، ولها واد كبير يشقها، ورأيت التين مخلوطا برمله إلاّ أنه صح عند جميع أهل ذلك القطر أن النفقة في تحصيله لا تفي نفقته فلذلك ترك. وبهذه المدينة فواكه كثيرة رأيت الفلاحين يقسمون الخوخة أربعة أفلاق ويمقرونها في الشمس، وكذلك يمقرون القرع والجزر فإذا أرادوا أكلها في الشتاء نقعوها في الليل بالماء وطبخوها كأنها طرية في أوانها.
وبهذه المدينة يجتمع طلبة العلم من النصارى وينتهون إلى ألف طالب أو ألف وخمسمائة ولا يحكم فيها إلاّ القسيس الذي يقرءون عليه، وأكثر نباتها الزعفران، فقرأت فيها الطبيات والنجامة مدة سنتين ثم تصدرت فيها لإقراء الإنجيل بلغته ملازما ذلك مدة أربع سنين، ثم