أحمد بن محمد القرشي، الشريف الغرناطي، أبو العباس نزيل تونس، الحافظ المحدث المؤرخ المعمر، لا نعلم شيئا عن حياته الأولى بالأندلس، وعن حياته العلمية بها، وتبتدئ معرفتنا بأخباره منذ إقامته بثغر بجاية من القطر الجزائري التابعة حينذاك للديار التونسية والتي استقرّ بها كثير من العلماء الأندلسيين المهاجرين فترة من الزمن قبل انتقالهم النهائي إلى تونس.
وفي بجاية تصدّر للتدريس بجامعها الكبير، وظهرت مواهبه الغزيرة في الحفظ وإتقان النقل والعناية بالرواية، ومعرفة تراجم الرجال من المتقدمين والمعاصرين.
ولا ندري هل أنه انتقل من بجاية إلى تونس، ثم سافر بعد ذلك إلى المغرب الأقصى، ثم رجع إلى تونس للاستقرار بها نهائيا، أو أنه سافر من بجاية إلى المغرب الأقصى ثم ارتحل إلى تونس إذ أن كلام الغبريني في «عنوان الدراية» يشوبه شيء من الغموض لأنه بعد أن تكلم عن مقامه ببجاية وعن نشاطه في التدريس والتأليف قال عقب ذلك: «وانفصل إلى المغرب فبلغ أقصاه، ولقي من به من العلماء وعرف من اشتمل عليه الفضلاء، وقضى بعض مدة ثم رجع إلى حاضرة إفريقية ولم يزل عاكفا على التدريس والتذكير رحمه الله ... ».
وأنا أميل إلى الفرض الأول أي أنه انتقل من بجاية إلى تونس لقول الغبريني:«ثم رجع إلى حاضرة إفريقية» ولما استقرّ بالحاضرة التونسية نهائيا