للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تولّى التدريس بمدرسة المعرض التي أسسّها الأمير أبو زكرياء يحيى بن السلطان أبي إسحاق ابراهيم الحفصي سنة ٦٨٣/ ١٢٨٤، وتحدث الزركشي في «تاريخ الدولتين» عن تأسيس هذه المدرسة، وولاية أحمد الغرناطي التدريس بها، وازدحامها بالطلبة يوم افتتاحها، وتزويدها بمكتبة نفيسة، ورصد لها أوقاف كثيرة للقيام بشئونها، ومقدار المرتب الشهري للمدرس، وحضور الأمير لمجلس الوعظ يومي الاثنين والجمعة، قال الزركشي:

«وكانت سكنى الأمير أبي زكرياء بدار الغوري، وكان نزيه النفس محبا للعلم وأهله، وكان بإزائها فندق يسكنه أهل السرف فبلغه ذلك فأمر أن يبني مدرسة للعلم فبنى مدرسة المعرض، وحبّس عليها ريعا كثيرا من ماله مع مكتبة نفيسة في كل فن من فنون العلم. ولما كمل بناؤها جلس فيها المدرس الشريف أبو العباس الغرناطي الشريف صاحب كتاب «المشرق في علماء المغرب والمشرق»، ووجه للمدرس قرطاسين ذهبا وقال له: فرقهما على كل من يجد في المدرسة، فسمع الناس بذلك فجاءوها من كل مدرسة حتى امتلأت، ولم يجد أحد أين يجلس، وكان يحضر مجلسه للوعظ يومي الاثنين والجمعة، فيطلق العنبر والعود ما دام بالمجلس، وأجرى على المدرس رزقا كثيرا قدره عشرة دنانير في الشهر، وجعل بين دار سكناه وبين المدرسة طاقة يسمع منها ما يقرأ في المدرسة» (١).

وكان المترجم من ذوي الضلاعة في الثقافة الإسلامية، والاطلاع الواسع الغزير، يملك حافظة قوية نادرة فقد قيل عنه إنه يحفظ تاريخ الطبري، وتفسير الثعلبي وغيرهما من أمهات الدواوين العلمية، قال الغبريني في «عنوان الدراية»: «وكان أعلم الناس بالكتب المصنفة، وأعلمهم لأسمائها، وكانت له فصاحة لسان، وعذوبة بيان «فهو عالم بيبليوغرافي فهرسي، وهذا أمر نادر في تلك العصور بالمغربين الأدنى والأوسط، وأنما اشتهر به الأندلسيون وجماعة قليلة بالمغرب الأقصى.


(١) تاريخ الدولتين ٤٠ - ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>