للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي مدة إقامته بإستنبول لم ينقطع عن الكتابة والتدوين، وراعى صحته فتحسنت كثيرا وقلل من استعمال المورفين.

ولما استقر بالقاهرة استأنف نشاطه السياسي والثقافي وأصدر جريدة «الإعلام» يومية أولا ثم في كل ثلاثة أسابيع وكان لها دوي بالمشرق والمغرب حتى قال خير الدين: «إن هذه الصحيفة يمكن أن تصبح (تيمس الشرق الأدنى)» وصدر من هذه الصحيفة ٢٦٩ عددا فيما بين سنة ١٨٨٥ وسنة ١٨٨٩.

وكانت خطة جريدة «الإعلام» ملاينة الانجليز ولعله مل من مقاومة الاستعمار وآثر الراحة والاستقرار. قال فيليب دي طرازي في كتابة تاريخ الصحافة العربية: «وكانت خطتها محاسنة الانجليز والاستفادة منهم، فانتقد بعضهم عليه هذه الخطة لأنها تخالف ما كان عليه في تونس وانه هاجر فرارا من الحكم الأجنبي فكيف يكلف المصريين عكس ذلك؟ ولكن الذين كانوا يرون رأيه يعتذرون بأنه أنما حث على محاسنة الانجليز والاستفادة منهم بأن معاكستهم وأمر البلاد في أيديهم لا يجدي نفعا، وان مفاجأة الفرنسيين أوجدت أسبابا ساعدتهم على ضم تونس إلى بلادهم وقد التجأ إلى انتهاج هذا المسلك أيضا ما قاساه من ظلم الحكم الاستبدادي في تونس وما آنسه من العوامل المحركة في مصر بإغراء بعض الأجانب الذين يوغرون صدور الناس على حكامهم مما يعود بالضرر».

ومن المعروف ان خطة ملاينة الاستعمار ومحاولة الالتقاء معه في نصف الطريق والرضا بما يجود به من إصلاحات كانت مسلك بعض المشتغلين بالسياسة في العالم العربي بقسميه الشرقي والغربي وقد أثبت الأيام عدم صحة هذا المسلك وان الطريق القويم هو المجاهرة بالمطالب القومية وعدم المبالاة بغضب الاستعمار وبطشه والتنظيم الجماهيري وبفضل هذه السياسة القومية القوية انحسر الاستعمار عن العالم العربي.

وفي سنة ١٨٨٧ عطل وقتيا صدور جريدة «الإعلام» للسفر إلى معرض باريس وزار لندرة وفلورنسة بإيطاليا لملاقاة صديقه الجنرال حسين وعند رجوعه إلى القاهرة أسندت إليه مهمة تكوين جمعية الأوقاف، كما سمي قاضيا بمحكمة القاهرة الابتدائية، وكثيرا ما كلفته وزارة العدل كتابة ملاحظاته عن القضاء الشرعي لأنه كان واسع الاطلاع فيه.

توفي بحلوان في ٢٥ ربيع الثاني ١٨/ ديسمبر مساء الأربعاء ودفن بالقاهرة قرب ضريح الإمام الشافعي.

[مؤلفاته]

بين جرجي زيدان مسار الأفكار الإصلاحية في تآليفه فقال. «ويؤخذ من مجملها (مؤلفاته) أن صاحب الترجمة كان من محبي الإصلاح وتقريب المسلمين من عوامل التمدن

<<  <  ج: ص:  >  >>