العلم يؤتى إليه ولا يأتي، فتأدب مع شيخه وقال له: لا نقرئ بجامع صاحب الطابع وأنت المدرس به فاختار مسجدا قربه، واستفاد منه ابن شيخه ومن معه من الطلبة أي استفادة، ثم عزم على العودة إلى بلده الكاف، وعز على شيخه إبراهيم الرياحي خروج مثله من الحاضرة، وتسبب له قاضي الجماعة محمد البحري بن عبد الستار في توليته قاضيا بالكاف فقبل الخطة على كره، وذلك سنة ١٢٤٨/ ١٨٣٢.
ولما توفي شيخه إبراهيم الرياحي رئيس المفتين (كبير أهل الشورى) في سنة ١٢٦٦/ ١٨٥٠ قال المشير أحمد باي: «لا يسد هذا الثلم إلاّ مثل الشيخ أحمد بن حسين الكافي» فاستقدمه وأولاه خطط شيخه عدا إمامة جامع الزيتونة، فباشر بجد وكفاءة ما أسند إليه، ودرس بجامع صاحب الطابع، واستفاد منه جماعة، منهم أبنه حسين المدرس بجامع الزيتونة.
وابتلي قبل وفاته بموت أكبر أولاده الذي كان ينوبه في الخطابة بجامع أبي محمد.
كان عالي الهمة، نزيه النفس، يغلب عليه الصمت وحب العزلة، وكان فقيها ضليعا محققا إماما في المعقول والمنقول.
توفي ليلة الاثنين غرة شعبان ١٢٨٥/ ١٦ نوفمبر ١٨٧٤ ودفن بتربة أعدها لنفسه بدرب عسّال قرب داره.
[مؤلفاته]
١ - اختصار شرح الشيخ صالح الكواش لقصيدة محمد الرشيد باي التي طالعها:
أمولاي إن النفس لما تعودت ... جميلك راحت بالفواضل تنطق