محمد بن أبي سعيد بن محمد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني، أبو عبد الله، الأديب الشاعر، الناقد، وشرف اسم أمه على ما ذكره الفيروزآبادي في «تحفة الابيه فيمن نسب لغير أبيه» وذكر ابن شاكر الكتبي في «فوات الوفيات» إنه أعور لكن هذا لم يمنعه أن يكون مقبولا في محيط الأمير المعز بن باديس وبيئة القصر التي كانت مؤيدة له، وهذا التأييد أمكن له مصادقة النخبة الفكرية بأفريقية وبالخصوص الشاعر الناقد ابن رشيق بالرغم من أن هذا الأخير على شهرة أوسع مما عند ابن شرف، وآلت بينهما الحال إلى خصومات ومناقضات، وكان الأمير المعز يغذي سرا هذه المنافسة بينهما، التي كانت ذات أثر في الإنتاج الأدبي عند الخصمين، ولما بلغ ابن شرف سن الطلب أخذ عن القزاز اللغة والنحو، والأدب عن ابراهيم الحصري، والفقه عن أبي عمران الفاسي والقابسي، وبرع في جميع هذه المعارف، وبعد الزحفة الهلالية والاستيلاء على القيروان بارحها إلى المهدية وأقام فيها مدة في جوار الأمير تميم بن المعز، ثم ارتحل إلى صقلية حيث لحق به ابن رشيق بعد وفاة المعز (٢٤ شعبان ٤٥٤/ ٢ سبتمبر ١٠٦٢) وتصالحا وأقاما بصقلية مدة ثم استنهض ابن شرف رفيقه ابن رشيق على دخول الأندلس فتردد ابن رشيق وأنشد:
مما يزهدني في أرض أندلس ... ألقاب مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد