محمد بن عبد الله بن ثور بن عبدون الرعيني ولاء، القيرواني الحنفي، أبو العباس، قاضي القيروان، فقيه أصولي مشارك في بعض العلوم، قال المالكي في رياض النفوس:«كان إماما علامة بمذهب العراقيين يتفقه لأبي حنيفة» تخرج بالقاضي سليمان بن عمران تلميذ أسد بن الفرات وبرع في العلوم الشرعية، وفي الكلام.
وقد أولاه ابراهيم الثاني قضاء افريقية، وفي البيان المغرب ١/ ١٢١ ان جده كان طحانا وكان يكتب اسمه محمد بن عبد الله الرعيني، ويستفاد منه أنه تولى القضاء بعد عزل أحمد بن طالب بن سفيان وموته سنه ٢٧٥، وقام بأعباء خطة القضاء نحو الثلاثين شهرا، وكان الأمير محبا فيه شديد الاعجاب به لفطنته وذكائه، وكان يحضر مجالس المناظرة برقادة.
لما خرج ابراهيم الثاني إلى صقلية، وخلفه ابنه أبو العباس عبد الله في إمارة أفريقية أوصاه بابن عبدون وقال له:«احفظه لي» فاغراه بعض جلسائه وقال للأمير أبي العباس: قد كان أبوك دفع إليه ألفي دينار لعمل أبواب جامع القيروان فبعث الأمير في طلبه من تونس إلى القيروان، وأخذ ابن عبدون من ماله ألفي دينار فلما دخل على الأمير قال له:«ائتنا بحساب المال الذي انفق في أبواب الجامع» فأجابه ابن عبدون: «اعز الله الأمير لست بصاحب ديوان تحاسبني» وأخرج كيسا من كمه وقال: «هذه ألفا دينار من مالي فخذوها ويكون ثواب عمل الأبواب التي بالجامع لي، وقد عملت وصية أبيك بي، ومع هذا فخف الله، واحفظ أهل العلم فإن الله يحفظك» فاستحى الأمير وقال له «والله ما ترى منا إلا الخير» وصرف المال.